الرياض تتحرك… والفرص تتسع للجميع
عبدالرحمن بن علي آل قوت
لم يكن قرار فرض رسوم الأراضي البيضاء مجرد خطوة تنظيمية عابرة، بل تحوّلاً جذرياً في فلسفة إدارة الأراضي الحضرية، فقد نقل القرار الأرض من خانة الجمود إلى فضاء الإنتاج والتنمية، منهياً مرحلة طويلة من الاكتناز التي كبّلت حركة البناء، وموفراً مناخاً جديداً يدفع بعجلة التطوير إلى الأمام.
اليوم، ونحن نرى الرياض تتحرك بخطوات واثقة، تتجلّى آثار القرار في مشاهد ملموسة، أراضٍ مسوّرة بعد سنوات من السكون، طلبات متزايدة على رخص البناء، ومعدات حفر تستعد للعمل في مواقع متعددة، هذه المشاهد ليست مجرد تفاصيل متفرقة، بل شواهد حيّة على أن السوق تفاعل مع القرار وأن الأرض استعادت مكانتها في مسيرة النهضة العمرانية.
لكن الأثر الأوسع للقرار يكمن في امتداد فرصه إلى مختلف الأطراف. فالحراك لم يعد حكراً على كبار المطورين العقاريين، بل شمل شركات المقاولات المحلية، وورش تجهيز الأثاث، ومصانع مواد البناء التي عادت لتشغيل خطوط إنتاجها بطاقة أكبر بعد سنوات من التذبذب. إنه مشهد اقتصادي متكامل يبرهن أن القرار لم يأتِ لمعالجة خلل محدد، بل لإعادة صياغة المنظومة العقارية بأكملها.
فعندما تتحرك الأرض، تتحرك معها سلاسل القيمة كاملة، من الصناعات المساندة إلى الخدمات المهنية، ومن المقاولين الصغار إلى المستثمرين الكبار، وهنا يتجاوز القرار كونه أداة تنظيمية ليصبح محرّكاً اقتصادياً يعزز التنمية، ويخلق قصص نجاح جديدة في قطاعات متعددة.
والأهم من ذلك أن عوائد الرسوم تُعاد ضخها مباشرة في مشاريع الإسكان، ما يضمن استدامة الدورة الاقتصادية ويربط المواطن بنتائج ملموسة على أرض الواقع، من فرص التملك إلى نمو الاستثمار، ومن تعزيز المعروض السكني إلى خلق بيئة أكثر عدالة وحيوية.
إن «الرياض تتحرك» ليست عبارة إنشائية، بل عنوان لمرحلة جديدة تقودها رؤية شمولية تتبناها القيادة، وتواكبها الجهات التنظيمية، ويصنعها المطورون والمنشآت الصغيرة والمتوسطة معًا، إنها مرحلة تؤكد أن التنمية مسؤولية مشتركة، تصنع اقتصاداً متوازناً، وسوقاً عقارياً أكثر استدامة، ومدينة تزداد إشراقاً يوماً بعد يوم.