الاقتصاد والعقار.. علاقة تبني المستقبل لبنةً.. لبنة
المعماري د.هشام القاسم
العقار ليس مجرد قطاع منفصل عن الاقتصاد، بل هو مرآته الأكثر وضوحاً. فعندما تنتعش المؤشرات الاقتصادية، ينعكس ذلك مباشرة على حركة السوق العقاري، والعكس صحيح؛ إذ يصبح العقار أول من يشعر بأي تباطؤ في النمو أو تقلّب في السيولة.
في السعودية، التي تشهد تحولاً اقتصادياً غير مسبوق في ظل رؤية 2030، بات السوق العقاري مرصداً حقيقياً لقياس نبض الاقتصاد غير النفطي. فكل تحسن في الناتج المحلي غير النفطي – الذي سجل نمواً يفوق 4.5 % في النصف الأول من 2024 بحسب تقارير الهيئة العامة للإحصاء – يقابله ارتفاع في الطلب على الوحدات السكنية والتجارية، مدفوعاً بتوسع الأنشطة الخدمية، وارتفاع القوة الشرائية للأفراد.
أما مؤشرات البطالة والدخل المتاح، فهي ترتبط ارتباطاً مباشراً بقدرة المواطنين على التملك والاستثمار، ومع تراجع معدلات البطالة إلى نحو 7.7%، وازدياد مشاركة المرأة في سوق العمل، ارتفع عدد المستفيدين من برامج التمويل العقاري، وازداد الطلب على مشاريع الإسكان المتكاملة.
كذلك يُعد التضخم من أكثر العوامل تأثيراً في حركة الأسعار العقارية، فبينما يؤدي ارتفاع تكلفة المعيشة ومواد البناء إلى زيادة الأسعار، فإن استقرار معدلات التضخم عند حدود 2% في 2024 ساهم في تعزيز ثقة المستثمرين ورفع معدلات الإنشاء في المدن الكبرى.
ولا يمكن إغفال دور السيولة وثقة المستهلك. فعندما ترتفع السيولة المصرفية ويزداد الإقبال على القروض، ينتعش السوق. أما إذا تراجعت الثقة أو ارتفعت أسعار الفائدة، فإن القرارات الاستثمارية تتباطأ. ولعل التحدي الأكبر أمام السوق اليوم هو موازنة النمو مع الاستدامة، بحيث يبقى العقار قطاعاً داعماً للاقتصاد لا عبئاً عليه.
في النهاية، يمكن القول إن العقار هو انعكاس الاقتصاد في صورته الملموسة. فالمباني التي تُشيّد، والأحياء التي تزدهر، ليست سوى ترجمة واقعية لأداء المؤشرات الاقتصادية. وكلما تحسّنت تلك المؤشرات، ازدادت صلابة الأساس الذي يقوم عليه السوق العقاري السعودي، ليبقى واحداً من أكثر الأسواق استقراراً ونمواً في المنطقة.
@ArchHesham