تأتي زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله- ، إلى الولايات المتحدة في إطار تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الرياض وواشنطن، ليس على المستوى السياسي فحسب، بل أيضاً من خلال دفع دفة التعاون الاقتصادي والاستثماري نحو آفاق جديدة.
تمتد هذه العلاقات بين المملكة الأمريكية لعقود، وقد شهدت على مدى السنوات الماضية تقاطعات متزايدة في المصالح الاقتصادية خاصة مع طموحات رؤية السعودية 2030 الرامية لتنويع الاقتصاد وتقوية القطاع الخاص.
العلاقة الاقتصادية السعودية الأمريكية
تؤكد زيارة ولي العهد الأمريكية رغبة المملكة في توسيع استثماراتها في الولايات المتحدة، حيث أعلن خلال الزيارة عن التزام بفرص استثمارية تصل إلى 600 مليار دولار في قطاعات متنوعة.
تعتبر الولايات المتحدة وجهة رئيسية لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي يخصص نحو 40% من استثماراته العالمية في السوق الأمريكي، خصوصًا في قطاعات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
يشهد التبادل التجاري بين البلدين نشاطاً متزايداً؛ فوفق منتدى الاستثمار السعودي-الأمريكي، بلغت الصادرات السعودية إلى الولايات المتحدة نحو 12.8 مليار دولار في عام 2024، بينما بلغت الواردات من أمريكا نحو 19.7 مليار دولار.
من جهة ثانية، الاستثمارات الأمريكية المباشرة في السعودية تمثل نسبة عالية من الأصول الأجنبية في المملكة، إذ تركزت هذه الاستثمارات في قطاعات مثل النقل والتصنيع والتجارة.
محاور المبادلات الاستثمارية الجديدة
الابتكار والتكنولوجيا
خلال الزيارة، تم الإعلان عن تعميق التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي، وشهدت العلاقات دخول شركات أمريكية كبرى مثل NVIDIA وAMD في شراكات تقنية مع السعودية، لدعم بنية تحتية ضخمة للذكاء الاصطناعي في المملكة.
الشراكة التنظيمية والتمويلية
تم تعزيز الربط بين المنظومة الاستثمارية السعودية والجهات التمويلية الأمريكية لتسهيل تدفق الاستثمار وبناء آلية موثوقة تسهم في تمويل المشاريع المبكرة وضمان حقوق المستثمرين، وهو ما يرفع من كفاءة سوق الاستثمار.
التوقعات الاقتصادية
من المتوقع أن تسهم هذه الاستثمارات في خلق فرص عمل إضافية في الولايات المتحدة والمملكة على حد سواء، وتعزيز الابتكار التكنولوجي السعودي من خلال استفادة من الخبرات الأمريكية. كما تسهم الشراكة في تقوية دور صندوق الاستثمارات العامة السعودي كمحرك استثماري عالمي، وتعزيز قدرة المملكة على توجيه استثمارات ضخمة نحو قطاعات استراتيجية.
الجدير بالذكر أن زيارة ولي العهد لأمريكا ليست مجرد حدث دبلوماسي، بل تمثل نقطة تحول اقتصادية استراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة، بإعلان استثمارات ضخمة وإبرام شراكات نوعية، تظهر المملكة رغبتها في أن تكون شريكًا استثماريًا رئيسيًا في الابتكار والتكنولوجيا والطاقة، مع تعزيز التجارة الثنائية وتنمية القطاع الخاص.
يعكس هذا التوجه بوضوح طموحات رؤية 2030، ويضع الأساس لحقبة اقتصادية جديدة بين الرياض وواشنطن، تستند إلى مصالح مشتركة وتنمية مستدامة.