تشهد المملكة العربية السعودية تحولًا ملحوظًا في قطاع البناء، تزامنًا مع تبني سياسات إعادة التدوير لمخلفات الهدم والإنشاء، في إطار دعم رؤية 2030 وتعزيز الاقتصاد الدائري، حيث تأتي هذه الجهود في ظل ارتفاع حجم مشاريع البناء والإنشاءات في المدن الكبرى، والذي يجعل إدارة النفايات والبناء المستدام ضرورة بيئية واقتصادية.
نمو حجم التدوير وأهداف وطنية
وتستهدف المملكة العربية السعودية، إعادة تدوير 60% من نفايات البناء والهدم بحلول عام 2035، وفقًا لما أكده المركز الوطني لإدارة النفايات. ويمكن أن يسهم تحسين إدارة النفايات في زيادة الناتج المحلي الإجمالي بما يصل إلى 120 مليار ريال سعودي، وخلق أكثر من 100,000 فرصة عمل في قطاع تدوير المواد والبناء المستدام، وفقًا لتقارير صادرة عن وزارة البيئة والمياه والزراعة، وبالرغم من كوم معدل إعادة التدوير الحالي محدود، لكن من المتوقع ارتفاع النسبة بشكل كبير خلال السنوات المقبلة مع دخول مبادرات مركزية ومتخصصة.
مشروعات رائدة وتطبيقات عملية
وتشغل شركة Saudi Investment Recycling Company – SIRC منشآت متقدمة لمعالجة نفايات البناء، حيث يعالج مصنعها المتواجد شمال الرياض 600 طن من نفايات الهدم يوميًا، ويحقق معدلات تدوير تتجاوز 90%، ويتم استخدام المواد المعاد تدويرها في مشاريع طرق وإسكان رئيسية، ما يقلل الاعتماد على الموارد الجديدة، ويحقق وفورات مالية ويحد من الأثر البيئي، في حين يساعد تطبيق تقنيات ذكية مثل (BIM نمذجة معلومات البناء) والذكاء الاصطناعي في تقدير حجم المخلفات وتحسين جودة المواد المعاد تدويرها قبل استخدامها في المشاريع.
محركات النمو والفرص الاقتصادية
وتزيد رؤية المملكة 2030 ومشاريع البنية التحتية الكبرى الطلب على مواد البناء المعاد تدويرها، كما يدعم التوسع في القطاع السكني والمشاريع الحكومية تبني الحلول المستدامة، خصوصًا في المدن الكبرى مثل الرياض وجدة، ويتيح تطوير محطات النفايات إلى طاقة استغلال المخلفات بشكل اقتصادي وبيئي، ويعزز دور المملكة كمركز إقليمي لإدارة النفايات.
ويتوقع الخبراء أن يشهد قطاع إعادة التدوير في البناء السعودي توسعًا كبيرًا خلال السنوات القادمة، مع ارتفاع نسبة استخدام المواد المعاد تدويرها في المشروعات السكنية والتجارية، فضلا عن الاعتماد على الابتكار والتقنيات الذكية مثل الذكاء الاصطناعي وBIM سيعزز من كفاءة التدوير ويقلل الهدر، حيث تسير المملكة نحو بناء اقتصاد دائري في قطاع البناء، يدمج بين الاستدامة البيئية والفرص الاقتصادية، ويضعها في مصاف الدول الرائدة عالميًا في إدارة نفايات البناء.