تغيّر الأجيال.. وتحوّل استراتيجيات التسويق العقاري
قبل أيام تواصل معي شاب يبحث عن شراء أول عقار له، حديثه كان ناضجًا، مرتبًا، مليئًا بالأسئلة الدقيقة حول القيمة المستقبلية، وسلوك السوق، والعائد المتوقع، افترضتُ تلقائيًا أنه في أواخر العشرينات؛ لكن المفاجأة ظهرت لاحقًا حين أرسل بيانات المشتري، لأكتشف أنه من مواليد 2004.
لم تكن الصدمة في عمره، بل في وعيه المالي وقدرته على بناء دخل حقيقي من عمله في التقنية والأزياء، ما منحه سيولة تمكّنه من دخول السوق بثقة. في تلك اللحظة أدركت أن جيلًا جديدًا دخل عالم التملك والعقار، جيل لا تشده اللوحات الكبيرة بقدر ما تجذبه المنصات الرقمية، المحتوى القصير، والجولات الافتراضية.
وبينما كنت أستوعب هذه القصة، جاءتني قصة أخرى تكمل الصورة من الاتجاه المعاكس تمامًا — اتصال من أحد مديري الشركات العقارية المتخصصة في تنظيم المزادات، تحدّثنا طويلًا حول أداء التسويق في السوق الحالي، وفاجأني باعتراف صريح:
الكثير من استراتيجيات التسويق للمزادات يتم إعادة النظر فيها لأن المخرجات لم تعد مرضية.
أوضح أن الاعتماد على المؤثرين وحسابات السوشيال ميديا لم يعد يعطي النتائج التي كانت تُتوقّع قبل سنوات؛ الجمهور تغيّر، وثقته تغيّرت، وطريقة استقباله للرسائل التسويقية تغيّرت. هناك شرائح كاملة من المشترين — وعلى رأسهم الجيل الجديد — لا ينجذبون لهذا النوع من الدعاية، ولا يرون فيه قيمة حقيقية تقودهم لاتخاذ قرار شراء.
هنا تلتقي القصتان:
جيل 2004 الذي يصنع قراره بنفسه، وشركات عملاقة تعيد بناء استراتيجياتها من الصفر.
وهنا يظهر السؤال الذي يكبر يومًا بعد يوم:
هل نحن أمام لحظة تتطلب إعادة تعريف التسويق العقاري من جذوره؟ ليس فقط تحديث الأدوات… بل تحديث الفكرة نفسها: كيف نخاطب جيلًا يدخل السوق بقواعد مختلفة تمامًا؟
@aqar_1159