«جئت هنا لأساعد الشركة على تحقيق أهدافها، وليس لكي يلبي الموظفون طلباتي» . . بهذه العبارة القصيرة الموجزة قليلة الكلمات، عميقة المعني والدلالة، بدأت ايرين روزنفيلد المديرة التنفيذية لدى شركة كرافت فوذز الأمريكية، أول أيام عملها في يونيو/ حزيران ،2006 موجهة حديثها الى موظفي الشركة البالغ عددهم 127 ألفا في 170 دولة حول العالم .
ولم تمر سوى 4 سنوات فقط، إلا وقد تمكنت روزنفيلد بفضل جهودها الدؤوبة وذكائها الإداري الشديد من طرح أسهم شركتها للإكتتاب العام، كما قامت بدمج “كرافت فودز” مع شركتي “نابسكو”، و”كادبيري”، فزادت بذلك عائدات الشركة إلى 50 مليار دولار، كما فاجأت روزنفيلد الأسواق بالإعلان عن نيتها فصل شركتي “أوريوس”، و”ماك أن تشيز” في خطوة قالت إنها ظلت تدرس الإقدام عليها لمدة عامين، وهي الخطوة التي تقسم “كرافت فودز”، إلى سلسلة وجبات سريعة عالمية بعائدات تربو على 32 مليار دولار سنويا، بالإضافة إلى سلسلة متاجر تجزئة في أمريكا بأرباح تقدر بنحو 16 مليار دولار .
وبفضل إنجازاتها اللافتة، تم اختيارها في عام 2008 في المرتبة السادسة ضمن قائمة “وول ستريت جورنال” لأكثر 50 امرأة جديرة بالمراقبة، قبل أن تحل في المرتبة التاسعة في لائحة “فوربس” لعام 2009 لأكثر 50 امرأة تأثيراً في عالم الأعمال، ثم ارتقت إلى المرتبة الثانية في لائحة “فوربس” لأقوى عشر نساء في أكتوبر ،2010 قبل أن تقفز للمرتبة الأولى كأكثر إمرأة في العالم تأثيراً في دنيا الأعمال، في تصنيف 2011 .
ولكن كيف نجحت هذه المرأة في قيادة هذا الجيش من الموظفين، والعبور بهم وبالشركة الي الضفة الأخرى من نهر النجاح . . لقد نجحت لأنها لم تشعر يوما أنها مديرة إنما دائماً كان يحدوها شعور بالمسؤولية وفارق كبير جداً بين الاثنين .
إن المدير حينما يشعر بعظمة منصبه، وأنه مدير، بالقطع سيفشل لأن الإدارة ليست رفاهية أو منحة أنما هي عبء ومسؤولية، فالادارة بحاجة الى قائد والقيادة بحاجة إلى حزم، والحزم يحتاج الى حكمة وقدرة على اتخاذ القرار، والمدير في الغرب لم يعد هو الشخص التقليدي الذي نراه يجلس على مقعد وثير خلف مكتب مترامي الأطراف يزينه عدة هواتف وخطوط اتصال، وأمام باب غرفته تجلس السكرتيرة، كما أن الموظفين الذين يعتبرون أن الترقية والوصول الى المناصب العليا، ترفيه، مخطئون بالكلية، لأنه كما هو معلوم في علم الادارة، أن كل ترقية جديدة تحمل عبئاً جديداً .
إن نموذج روزنفيلد بين المديرين لا يحتاج إلى تعليق مني، أو من غيري، إنه نمط رسم لنفسه خطاً يكتبه التاريخ . . وليتنا نتعلم من هذه النماذج .