أملاك تطرق المسكوت عنه
أضرار صحية خطيرة لتواجد مصانع الأسمنت داخل النطاق السكني
الحساسية والتهابات الرئة والصدر أبرز الأمراض
المصانع تؤثر على الغطاء النباتي وتحرم العوائل من الاستمتاع بالحدائق داخل الأحياء
آثار سلبية على الأسعار والأحياء غير مناسبة للعيش الصحي .
غبار المصانع يصل إلى 5 كلم محوري .
تحقيق /
جنوب الرياض وبالتحديد على مقربةٍ من أحياء العزيزية والخالدية تنتشر العديد من مصانع الخرسانة الجاهزة والأسمنت المتخمة للأحياءً السكنية… والتي لم تحترم حسن الجوار فقد تفننت وابتدعت أشكالا جديدة في أذية جيرانها .فلا تكاد تطلع الشمس صبيحة كل يوم إلا وقد سبقتها تلك المصانع في نفث الأدخنة السامة لتعطر طلاب وطالبات الحي قبل ذهابهم إلى مدارسهم مروراً بالموظفين مع توجههم إلى أعمالهم ليزور بقايا ذلك الدخان المنازل مشكلاً كارثة بيئيه ناهيك عن عوادم الشاحنات وأصوات منبهاتها. وعلى رغم توصيات تم رفعها من قبل المجلس البلدي مؤخرا إلى أمانة منطقة الرياض بنقل تلك المصانع التي سببت معاناة للساكنين قربها، مشيراً إلى أن تلك المصانع تملك رخصاً من البلدية ولذلك فكّر المجلس البلدي في توفير أراض بديلة لها بعيداً عن السكان .كما أصدر المجلس توصيات أيضاً لإلزام مصانع الأسمنت والجبس جنوب الرياض بالمعايير الدولية بعد شكاوى كثيرة من سكان الأحياء القريبة منها.
كثرة المراكز الصحية
واشتكى الأهالي في المنطقة مما أسموه بـ ( جشع المصانع واقتصار الاهتمام على مبدأ الربحية ) ضاربة بعرض الحائط الحقوق والواجبات المترتبة عليها تجاه المناطق المحيطة بها والمواطنين القاطنين فيها، موضحين أن مبدأ التشجير لتصفية الجو على رغم قلة تكاليفه كان في حدود ضيقة وتلاشى مؤخراً ..
المواطن رامس الشهري من السكان القدامى بالحي يؤكد على أهمية التفات الجهات المسئولة لمطالب أهالي الحي المتضررين من مبدأ الوقاية قبل الإصابة ويقول الشهري ” أضرار المصانع واضحة للعيان ، وهذا نستشفه من كثرة انتشار المراكز الصحية الأهلية المتخصصة بعلاج الأمراض الصدرية والحساسية في الحي ، ناهيك عن زيادة الازدحام والإزعاج على مدار الساعة في شوارع ومداخل الحي من قبل عمال شاحنات المصنع في تحميل وتنزيل حتى خارج أوقات الدوام الرسمي لعمل المصنع ومشيرا إلى التأثير السلبي لتواجد المصنع على أسعار الأراضي السكنية والتجارية في الأحياء المجاورة لمصنع الأسمنت ، وينفي الشهري علمه حول تقدم أي من أهالي الحي بشكوى للمسئولين بخصوص الأضرار المترتبة على تواجد مصنع الأسمنت
بجوار الأحياء .
فيما يشير المواطن عبدالكريم اليوسف إلى تأثير الأتربة المتطايرة من المصنع على الغطاء النباتي في الحي ويقول ” ان من أخطر سلبيات صناعة الاسمنت هو التأثير السيئ على البيئة وتهديد المجال المحيط به من خلال الإفرازات التي تطرحها الوحدات الصناعية من فضلات غازية وسائلة التي لها تأثير سلبي على الغطاء النباتي كتراكم طبقة سميكة من غبار الاسمنت على أوراق الأشجار فيؤدي هذا إلى إنتاج رديء للمزروعات ، إضافة إلى خطر تسمم الإنسان عند تناولها، وكذلك الحيوان عند تناول الأعشاب ، ويضيف اليوسف بقوله ” الأهالي يموتون ببطء أمام مرأى الجهات الرسمية من دون أن تتخذ أية إجراءات لإنقاذهم، حيث تحولت الأحياء المجاورة للمصنع إلى منطقة موبوءة تنتشر فيها أمراض الحساسية والربو بمعدلات مخيفة تفوق معدلات المناطق البعيدة عن المصانع ، فضلا عن انعدام النظافة في شوارع ومنازل الحي ويوضح ” يندر أن تجد منزلاً في الحي لا يشكو من اتساخ أفنيته بسبب أغبرة المصنع ”
دور جمعيات البيئة
من جانبه أوضح الأستاذ عبدا لله السهلي مدير مؤسسة رونق العمران العقارية بقوله ” على الرغم من بلوغ التلوث في الأحياء المجاورة لمصنع الأسمنت إلى معدلات خطرة إلا أن ذلك لم يؤثر على أسعار الأراضي السكنية والتجارية في الأحياء مشيراً ” لا أحد ينكر الدور الذي لعبه مصنع أسمنت الرياض في تطور مدينة الرياض، بل في تطور المملكة ككل، وخصوصاً في الوقت الذي كان لا يوجد سواه، وهذا لا جدال فيه، ويتفق عليه الجميع، ولكن المشكلة هي الجوانب السلبية بل الكارثية والبيئية التي أحدثها وسبَّبت أضراراً مسَّت حياة المواطنين، ولاسيما الأحياء المجاورة له من خلال تصاعد الغازات والأتربة التي كانت سبباً في تعقيد بعض الحالات المرضية عند مرضى الربو والحساسية، وما أوجدته من أمراض أخرى، التي قد يكون هو سبباً فيها. ووسط هذه الأضرار لم نجد مَنْ يحرِّك ساكناً في معالجة وجود هذا المصنع الذي زحف إليه العمران، وأصبح في وسطه ”
الأستاذ عمر صالح العوبثاني صاحب مكتب العوبثاني يقول ” الحقيقة يعتبر مصنع الأسمنت من الملوثات البيئية التي تسبب الكثير من المشاكل للسكان القاطنين حول ذلك المصنع فلو نلاحظ أن جمعيات البيئة استطاعت غلق هذه المصانع في العديد من الدول المتقدمة ونحن للأسف الشديد ما زلنا نقبل أنشاء مصانع الأسمنت مع علمنا المسبق بأضرارها ” ويضيف ” على المسئولين أن يتخذوا إجراءات ولو بسيطة لتخفيف الضغط على الأهالي، فالمصانع الكبيرة طالما تلقي اللوم على المصانع الصغيرة والحظائر في تلوث الجو، وهو ما يعتبر ذريعة بالنسبة لها للاستمرار في إلحاق الضرر بالمواطنين ”
سرطان الرئة
من جانبه يؤكد الدكتور عادل أحمد – مستوصف الخالدية – بأن نسبة مراجعي المستوصف من مرضى الربو والحساسية في تزايد مستمر مقارنة بالأحياء المجاورة ويوضح ” غبار الاسمنت مهيج للجهاز التنفسي واستنشاقه لمدة طويلة يؤدي إلى الإصابة بالتحجر الرئوي ، والنزلات الشعبية المزمنة وكذلك الربو الشعبي وتمدد الرئتين وأيضا الإصابة بسرطان الرئة في حالات كثيرة جدًا وتزداد هذه الأمراض في المناطق التي تتركز بها صناعة الاسمنت التي قد يصل رذاذ أبخرتها إلى 3 كيلومتر محوري ويزداد هذا المرض بشكل كبير عند الأطفال بنسبة تكاد تكون ضعف الكبار وتؤكد الدراسات الطبية أن أول أكسيد الكربون يؤدي إلى التسمم بينما ثاني أكسيد الكبريت للسعال والحساسية، أما الازوت الأرضي فله تأثير متسرطن في حين تؤدي الأدخنة إلى الاختناق. وتفيد بعض الدراسات بأن الغبار الناتج عن مصانع الاسمنت يلحق أضرارًا بيئية واسعة بالأرض والزرع وقيعان البحار والأنهار.
____________________________________________________