سِجل إيجاري يكشف الحقيقة… لا خفايا بعد اليوم
حين يبحث شخص عن منزل جديد، أو يعرض مؤجر عقاره لشخص لا يعرفه، تتكرر الأسئلة ذاتها:
هل المؤجر متعاون ويهتم بالصيانة؟ وهل المستأجر أمين ويحافظ على السكن؟
هذه الأسئلة البسيطة ترسم شكل العلاقة الإيجارية قبل أن تبدأ، لكنها تظل بلا إجابات واضحة لأن الطرفين يدخلان التجربة بلا سجل مسبق يكشف حقيقة التعامل.
ورغم تطور تنظيم قطاع الإيجار في المملكة وتوحيد العقود وتحسين الإجراءات، تبقى فجوة المعرفة موجودة. فالمستأجر لا يعرف كيف تعامل المؤجر مع غيره، والمؤجر لا يعرف عن المستأجر إلا ما يظهر له في اللحظة الأولى. وهنا تولد الحاجة إلى خطوة عادلة تعيد الثقة للجميع: صفحة رسمية تشرف عليها هيئة العقار، تتضمن تقييمًا موثوقًا للمؤجر والمستأجر بناءً على تجارب فعلية، لا على انطباعات عابرة.
الفكرة ليست رقمًا يوضع بجانب الاسم، بل شهادة إنسانية تعكس ما واجهه كل طرف. فمن شعر بأن المؤجر كان قريبًا ومتعاونًا سيذكر ذلك، ومن تعامل مع مستأجر راقٍ حافظ على السكن سيكتب تجربته أيضًا. والتجارب التي كانت تبقى حبيسة النقاشات الخاصة، يمكن أن تتحول إلى مرجع يطمئن المقبلين على الاستئجار، ويحمي الملاك من التورط مع من لا يلتزم.
تصور بسيط: يدخل المواطن إلى موقع هيئة العقار ليجد صفحة تعرض سِجل المؤجر وسِجل المستأجر. لا يحتاج المستخدم سوى نظرة واحدة ليعرف إن كان الشخص الذي سيتعامل معه موثوقًا، ملتزمًا، واضحًا، أو لديه ملاحظات سابقة مثبتة. أما المؤجر، فسيرى تاريخ المستأجر في السداد والمحافظة على السكن. بهذه الصورة ينشأ توازن طبيعي قائم على المعرفة لا على الظنون.
آلية العمل يمكن أن تكون سلسة للغاية. بعد انتهاء كل عقد، يُفتح للطرفين باب كتابة تقييم مختصر، ويمكن في الحالات التي تتضمن خلافات إرفاق ما يثبتها. وبعد التحقق، تُضاف هذه التجربة إلى سجل كل طرف. ومع مرور الوقت تتكوّن صورة عادلة تعكس مستوى التزام كل شخص، وتساعد على اتخاذ القرارات بثقة أكبر.
هناك انعكاس اجتماعي مهم لهذه الفكرة. فالناس يصبحون أكثر اهتمامًا بالتعامل الجيد لأن تقييمهم سيصبح جزءًا من سجلهم العقاري. ويتحول السوق الإيجاري من مساحة تعتمد على الحظ إلى منظومة موثوقة تُكافئ الجدية وتحفز السلوك الحسن. وهذا يتناغم مع توجه المملكة نحو رفع جودة الحياة وتعزيز الشفافية وتمكين التحول الرقمي في كل قطاع.
لقد اعتدنا أن نقيم سائقًا لم نعرفه من قبل، ونكتب رأينا في مطعم جربناه مرة واحدة، ونثق بتطبيقات تعتمد على التقييمات في خدماتها اليومية. فهل يعقل أن يبقى أهم تعامل سكني قد يمتد عامًا أو أكثر بدون سجل يعرّفنا بالناس الذين نتعامل معهم؟
إن إنشاء صفحة تقييم رسمية للمؤجر والمستأجر خطوة لا تكلف الكثير، لكنها تُحدث فرقًا كبيرًا في بناء الثقة، وتقليل النزاعات، وتحسين التجربة لكل من يبحث عن منزل وكل من يعرض عقاره للإيجار. هي خطوة تعطي الجميع حقهم: حق المعرفة، وحق الطمأنينة، وحق التعامل بشفافية.
X:SamiQhtani