الحفل السنوي لغرفة الرياض… مشهد اقتصادي يكتب ملامحه بهدوء
د. عبدالحكيم بن عبدالله الخرجي
يأخذ الحفل السنوي لغرفة الرياض مكانته من طبيعته نفسها؛ فهو ليس مجرد مناسبة اجتماعية، بل مساحة تجمع صُنّاع القرار وروّاد الأعمال والفاعلين في الاقتصاد ضمن لقاء يحمل من الدلالات ما يتجاوز ما يُعلن فيه.
تلتقي فيه القطاعات المختلفة في إطار مهني منظم، يعكس الدور المحوري الذي تؤديه غرفة الرياض في دعم بيئة الأعمال وتمكين القطاع الخاص ضمن رؤية اقتصادية تشهد تطورًا مستمرًا.
وبين تفاصيل الحفل، يشعر المتابع أنه أمام مشهد يوضح — من دون تصريح مباشر — طبيعة المرحلة الاقتصادية التي تعيشها العاصمة.
الحضور المتنوع، الحوار الهادئ، وترتيب الأولويات في الكلمات الرسمية… كلها عناصر ترسم صورة لاقتصاد يتحرك بثقة، ويعيد تشكيل علاقته بالتنظيم والحوكمة، ويستعد لعام يحمل في طياته توسعًا في الفرص وتحسنًا في بيئة الامتثال.
يظهر في هذا النوع من الفعاليات أن الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص لم تعد فكرة نظرية، بل ممارسة حقيقية.
فكل لقاء، وكل كلمة رصينة، وكل إشارة في سياق الحديث، تعكس إدراكًا مشتركًا بأن التنمية الاقتصادية لا تُبنى بجهة واحدة، بل بمسارٍ تتقاطع فيه الرؤية الحكومية مع خبرة السوق واحتياجاته.
وهذا التوازن — حين يتحقق — يصنع سوقًا أكثر استقرارًا، ويهيئ بيئة تسمح للنمو أن يتحرك بوتيرة عملية ومدروسة.
وتبرز كذلك القيمة القانونية لهذه الفعاليات، إذ يشعر المتخصص أن المشهد الاقتصادي يتجه نحو مرحلة تتقدم فيها التشريعات كجزء من أدوات التطوير، وليس مجرد إطار تنظيمي.
فالحديث عن الأنظمة الجديدة، وتحسن الإجراءات، وتطوير آليات الامتثال، كلها إشارات لا تصدر بالضرورة في إعلان رسمي، لكنها تُفهم من طبيعة الحوار ومن حضور الجهات المختلفة في مكان واحد.
ومن هذا المنطلق، تتضح علاقة القانون بالاقتصاد في المملكة كعلاقة تكاملية، تُسهم في حماية الاستثمارات ورفع جودة الممارسات وتسهيل حركة المشاريع.
ولعل أهم ما يميز الحفل أن رسائله لا تُقدم بصوت عالٍ، بل بنبرة ثابتة؛
نبرة تُشعر المتابع أن الاقتصاد الوطني يدخل مرحلة أكثر نضجًا، وأن المدينة بدأت تنظر إلى التحولات الاقتصادية كمسار طويل يحتاج إلى أدوات واضحة، وشراكات متوازنة، وتطوير تشريعي يسير جنبًا إلى جنب مع التطوير الاقتصادي.
وفي ختام المشهد، تبدو الرياض — كما يراها المتخصص — مدينة تمضي في مشروعها الاقتصادي بإيقاع محسوب، ورؤية تتسع عامًا بعد عام.
حفلٌ واحد كهذا كافٍ ليعكس مستوى الانسجام بين مكوّنات المنظومة الاقتصادية، ويمنح القارئ فهمًا هادئًا لطبيعة المرحلة المقبلة، دون مبالغة في الخطاب أو تهويل في التوقعات.
@Dr_alkharji