مستقبل سوق المقاولات السعودية وفق المتغيرات الجديدة
يسير النمو الاقتصادي السعودي بخطى بطيئة كنتيجة للتراجع الملحوظ في صادرات النفط, حيث ينمو بمعدل 1.5% في عام 2016, وذلك طبقاً لإحصائيات بلوميرج لحساب السرعة البطيئة منذ الأزمة المالية العالمية, حيث أعلنت المملكة عن الميزانية القائمة على خفض الإنفاق, الإصلاح الشامل وخفض الدعم الحكومي, وذلك من أجل موازنة أهدافها المالية.
رؤية 2030 وخطة التحول 2020
يُقدر ثلاثة أرباع ميزانية المملكة والتي كان مصدرها العائدات النفطية, مما استوجب الاتجاه الاستراتيجي لموارد أخرى بعد الركود في الأسعار الذي بات خطراً يهدد الاقتصاديات العالمية, ونتيجة لذلك؛ فقد قاد ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إصلاحات خلال رؤية 2030 وخطة التحول القومي 2020 حيث لن يكون هناك أى اعتماد للملكة العربية السعودية على النفط, ومن المتوقع من هذه البرامج أن ترفع قيمتها على الأقل بزيادة 1000 بليون دولار أمريكي بحلول 2020, أي أكثر من ثلاثة أضعاف عائدات غير نفطية وموازنة الميزانية.
وتهدف رؤية 2030 إلى تقليل اعتماد المملكة على النفط كمصدر وترقية المصادر الاقتصادية, حيث تهدف الرؤية إلى رفع العائدات غير الاقتصادية إلى ما يعادل 160 بليون دولار أمريكي بحلول العام 2020. حيث أن رؤية 2030 لها ثلاثة معالم: مجتمع حيوي, اقتصاد مزدهر, شعب طموح.
وتعمل كذلك خطة التحول الوطني إلى إعادة هيكلة الأجهزة والمؤسسات الحكومية لتقديم رؤية 2030 والأولويات الوطنية الأخرى, حيث ستعمل المملكة على تطوير البدائل للنفط, كما تخطط لمضاعفة التعليم الخاص بمعدل 30% للطلاب, وإنشاء المدارس وتحويل النظام الصحي إلى نظام قائم على التأمين مع توسيع وتقديم القطاع الخاص على نطاق واسع, كما أنها ستقوم بتطوير السياحة الإسلامية للأماكن المقدسة أملاً في اجتذاب 18 مليون زائراً سنوياً بما يصل إلى 35-45 مليون في خلال 5 أعوام.
مستقبل سوق المقاولات السعودية
يبقى سوق المقاولات السعودية المنافس على الرغم من ركود أسعار النفط, طبقاً لرأى خبراء الصناعة, هذا ومن المتوقع قيام الحكومة بإنفاق نحو 29.9 بليون دولار أمريكي في مشاريع عقارية في العام 2016 ونفس المبلغ في العام 2017, على الرغم من ركود أسعار النفط العالمية. طبقا «Faithful + Gould «F+G, حيث أن ميزانية المملكة اقل بنسبة 20%من عام 2016 عن عام 2015, وتبذل الدولة قصارى جهدها لتنمية وتطوير نماذج نقدية مختلفة والتي من شأنها أن تعود بالنفع والفائدة وتعوض المملكة عن اعتمادها التاريخي على النفط مثل الشراكة العامة الخاصة لتكمل إنفاقها القائم والمأخوذ فى الإعتبار.
تدفع المملكة العربية السعودية من خلال خططها الاستثمارية القائمة في قطاع المقاولات, وعلى وجه التحديد في الإنشاءات, لكي تخفف أي بطء قد تشعر به في أي قطاع آخر, ومن جانبها تتعهد حكومة المملكة العربية السعودية بدفع الفواتير المستحقة لشركات قطاع البناء والتشييد فى البلاد, كما تقوم المملكة العربية السعودية بتنفيذ مشاريع بما يعادل 300 بليون دولار أمريكي, وتمدها بقطاعات المياه والطاقة والنقل والغاز والبناء, ومن المتوقع من خلال قطاعات الإنشاءات والبنية التحتية والطاقة أن يتزايد من 41,788 مليون دولار أمريكي في العام 2016 إلى 57,134 مليون دولار أمريكي فى العام 2017. ومن المتوقع أن تساهم استثمارات بقطاعات أخري مثل الصحة, خطط التصنيع, تسهيلات بمجال التعليم, الطاقة ومشاريع البناء والتشييد, في نمو صناعة مجال المقاولات بالمملكة العربية السعودية.
نظرة على عائدات قطاع البناء والتشييد والبنية التحتية
يبقى عائد قطاع مقاولات البناء والتشييد الأكبر ويتوقع أن يزيد من 18.700 مليون في عام 2016 إلى 22.441 مليون دولار أمريكي فى عام 2017
كانت السياحة القطاع الأضخم المساهم في اقتصاد المملكة العربية السعودية والذي يحظي بالتركيز القوي, ويقوم بمساعدة قطاعات أخرى مثل الطيران, الضيافة (حيث تهدف إلى مضاعفة عدد الغرف بحلول العام 2020), وتهدف الرؤية إلى زيادة الطاقة السنوية لعدد الزوار الأجانب للعمرة إلى نحو 1.5 مليون نسمة بحلول عام 2020 وبنسبة 30 مليون نسمة بحلول عام 2030, ومن أجل تيسير ذلك فقد تم إطلاق التوسعة الثالثة للحرمين الشريفين, وهذا فضلاً عن توسعة وتحديث وزيادة قدرة المطارات, بالإضافة إلى ذلك, فقد تم الشروع في تنفيذ مشروع مترو مكة المكرمة, وتهدف المملكة العربية السعودية من ذلك مضاعفة عدد المواقع التراثية السعودية المسجلة لدى اليونسكو, ولأجل ذلك خصصت المملكة حوالي10.65 بليون دولار أمريكي لبناء وتطوير أكثر من 20 مطار للمساعدة في استيعاب النمو السريع لصناعة الطيران, كما يزدهر قطاع التجزئة بالمملكة في ظل تخفيف الحكومة القيود على الاستثمار الأجنبي وسكانها من الشباب وسط إبقائها على الإنفاق في ظل تباطؤ الاقتصاد.
ومع رؤية 2030 من المتوقع ازدهار قطاع التجزئة أيضاً, والمملكة العربية السعودية لديها العدد الكبير من الفنادق تحت الإنشاء في المنطقة حيث كشفت الإحصاءات عن شهر يونيو بأن المملكة لديها حالياً ما يقارب مجموعه 35770 غرفة فندقية يجري بناؤها في 81 فندقاً بمكة المكرمة الرائدة في مجال الفنادق وتطويرها إذ لديها بما يقارب 24133 غرفة بالوقت الحالي, كما تخطط الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني لوضع 140 مشروع تراث جديد كجزء من خطتها في برنامج الإصلاح الوطني على مستوى المملكة, بما في ذلك المتاحف والمباني الأثرية التاريخية بجميع أنحاء المملكة, وتقدر تكلفة هذه المشاريع بما يعادل 2.77 بليون دولار أمريكي موقعة بـ 13 اتفاقية.
وفى يونيو 2016, أطلق الملك سلمان بن عبدالعزيز عدداً من المشاريع التي تركز على الصحة, التعليم, الثقافة وقطاع الخدمات, حيث قام بتخصيص 185 مليون دولار أمريكي من أجل تنمية تنمية المرافق الأساسية بجامعة طيبة والجامعة الإسلامية في المدينة المنورة لكي يتم إنشاؤها باستثمار يبلغ 225 مليون دولار أمريكي.
بالإضافة إلى مجموعة من مشاريع الطرق والسكك الحديدية والموانئ والمطارات التي تم التخطيط لها, تستعد المملكة للبناء القوي بقطاع البنية التحتية, ومن المتوقع أن يزيد من 5046 مليون دولار أمريكي عام 2016 الى 16010 مليون دولار أمريكي عام 2017 . وفى سياق الخطط المعدة لمشاريع السكك الحديدية فى ضوء الخطط الاستثمارية السعودية المخطط لها على نطاق واسع, حيث يتم تخصيص ثلث ميزانية السكك الحديدية لتطوير الخطوط القائمة وبناء شبكات جديدة فى جميع أنحاء المملكة وهذا هو الهدف الرئيسي لخطة المملكة العربية السعودية, وهو أن يكون لديها إطاراً مفهوماً داخل التنمية طويلة الأجل لشبكة نقل الركاب والبضائع القادمة للمملكة. وبالإضافة لذلك تحقيق التنسيق الكامل بين دول مجلس التعاون الخليجي والمملكة العربية السعودية والدول الأخرى, وقد أخذت المملكة كعضو أساسي بمجلس دول التعاون الخليجي, زمام المبادرة لتعزيز إنشاء مركز قدرات السكك الحديدية بدول مجلس التعاون الخليجي, وهنالك مشاريع رئيسية في المملكة العربية السعودية لتحسين إجراءات الأمن والسلامة والرصد ونوعية الطرق السريعة وإنشاء وبناء الجسور بمرحلة متقدمة من التطور بالطرق الصحيحة الحديثة تقنياً والانتهاء منها فى عام 2017. ومن المقرر أن تقوم المملكة ببناء أربع طرق سريعة جديدة بين مكة المكرمة وجدة, بما يعود بالنفع على 35 مليون نسمة. حيث قامت شركة أرامكو السعودية وشركة الملاحة الوطنية (بحري) وشركة امبريال للطاقة وشركة هيونداى للصناعات الثقيلة بتوقيع مذكرة تفاهم للتعاون المشترك بشأن إنشاء مجمع بحري من الطراز العالمي في المملكة العربية السعودية, حيث أن مثل هذا التعهد يظهر مدى الالتزام المستمر لتطوير القطاع البحري والفرص التي يمكن الاستفادة منها. كما أن حوالي 80% من الاقتصاد هي أموال الحكومة السعودية في مشاريع البنية التحتية و4 % فقط من الشراكة العامة, وحالياً تخطط المملكة للعمل والشراكة مع القطاع الخاص والدخول فى سلسلة جديدة من الشراكات الدولية لاستكمال وتحسين وربط بنيتها التحتية داخلياً وعبر الحدود.
الخاتمة
لقد أنتجت محركات التنويع المستدام نتائج قوية للمملكة العربية السعودية, فى ظل عدم النمو النفطي لقطاع النفط, مما دفع بالحكومة لتوفير المزيد من الفرص للقطاع الخاص فى مجال التنمية والمشاريع الاقتصادية من خلال خطة التحول الوطني 2020 ورؤية 2030. وعلى مدى الـ 15 عاما القادمة, سيكون هناك المزيد من الاستثمارات على نطاق واسع (على نحو متزايد من القطاع الخاص), هذا ومن المتوقع أن يتم ترجمة هذا إلى استمرار الطلب على البناء والتشييد, وقد قامت المملكة بوضع هدفها فيإستراتيجية 2030 وهو لزيادة مساهمة القطاع الخاص فيإجمالي الناتج المحلي من 40% في عام 2016 إلى 65% بحلول عام 2030, وستزيد الإيرادات غير النفطية من الدولار بمعدل 43 مليار دولار إلى 267 مليار دولار قبل نهاية هذا العقد المقبل, بالإضافة إلى ذلك فإن الحكومة السعودية تحتضن العديد من المشاريع, وبالتالي سيكون من المتوقع أن يكون هناك مستقبل أفضل لقطاع البناء والتشييد, والجانب المشرق هو أن المملكة تقوم حالياً بمعالجة نشاط النقص في المساكن, والمضي قدماً مع بعض الخطط الرئيسية للبنية التحتية, ولمشاهدة القطاعات التي تتيح فرص البناء والتشييد هي قطاع الضيافة (الفنادق), تجارة التجزئة, التعليم, الرعاية الصحية والسكنية والنقل مع البنية التحتية في مجال النقل, مع خطة التحول فى المكان, تتطلع الملكة العربية السعودية إلى النمو والاستثمار, الذي سيؤدي إلى أخبار جديدة لسوق البناء والتشييد.