في كل معرض عقاري، أو محفل للفرص الاستثمارية تجد أن آلافاً من المستثمرين يقصدون هذه المنصات وهم يأملون بضخ أموالهم في مشاريع حيوية ذات استثمار آمن وذات عوائد مجزية.
ولعل الكثير من المستثمرين يتخوف من الدخول في تجارب مع شركات غير معروفة أو ليس لها وزن في السوق، لذلك يلجأ رجال الأعمال للبحث عن الشركات الكبرى المشاركة في المعارض العقارية والمحافل المتخصصة، لأنها تعرض المتاح والمتنوع من الاستثمار وتبحث بعض الشركات في الجانب الآخر عن مصادر تمويلية غير ضاغطة، لأن الكثير من المشاريع العقارية والمساهمات تعاني من التعثر، وفي رحلة بحث دائم ومضني عن تنوع مصادر الدخل ولو كان تمويلاً استثمارياً.
وهنا نطرح سؤلاً جوهرياً قد تقود إجابته لفتح منافذ غير مطروقة للتنمية، يتلخص السؤال في لماذا لا تجد السيولة التي تبحث عن التحريك الاستثماري الرعاية الكافية من قبل الشركات الكبيرة والجهات الحكومية؟ وذلك بوضع خطط وبرامج معدة مسبقاً لمن يبحث عن تنويع مصادر دخله، وكذلك الأموال المجنبة في الشركات الكبيرة والبنوك، وليس الرعاية التي ننشدها بشراء أسهم وحصص من السوق الموازية لتذوب السيولة في شرايين المؤسسات الكبرى، إنما دعم صغار المستثمرين لتنمو أعمالهم وتحقق لأصحابها الاستقلالية التامة في كيفية إدارة أموالهم، وخاصة أن توجه الدولة الحديث يشجع الاستثمارات النامية ورصد لها حوافز تشجيعية عن طريق هيئة المنشآت الصغيرة المتوسطة.
وفي ذات الوقت تؤثر رؤوس الأموال الهاربة للخارج سلباً على البناء الاقتصادي للدولة، وقد دخلت الظاهرة لمجلس الشورى نهاية العام الماضي لدراسة هجرة 2.65 تريليون ريال سعودي خارج المملكة، وهنا حرياً بهيئة الاستثمار بالبحث عن أسباب هذه الظاهرة وتوجيه المستثمرين السعوديين للاستثمار في الداخل، والعمل على تذليل كل المعوقات وتوفير بيئة جاذبة ومشجعة للاستثمار المحلي وتوطينه، وتشير بعض التقارير الدولية حديثة لوجود استثمارات سعودية كبيرة مستثمرة في الخارج، تستحق البحث والدراسة، بل والعمل على وضع تصورات وسبل استعادتها، وتوطينها، نظراً لما لها من تأثير على نمو الاقتصاد الوطني وتوفير فرص وظيفية للمواطنين.
ويجب أن تعمل جميع الجهات المختصة على سن لوائح منظمة خاصة بعودة رأس المال السعودي الهارب وذلك بتذليل كل التعقيدات التي يتحفظ عليها المستثمرون ،على الرغم أن العوائد الربحية في الاستثمار الداخلي أعلى من بعض الدول الأوروبية. نتمنى أن نرى قريباً قرارات شجاعة ومرنة تعزز الهجرة العكسية لرأس المال الوطني الذي هو أصل التنمية وركيزة الاقتصاد الحر.