عبدالعزيز العيسى رئيس التحرير يكتب: التحوير.. استثمار ما بعد الجائحة

يطل علينا شهر رمضان المبارك أفضل الشهور، ويبتهج المسلمون بقدومه بوصفه شهر الخير والمحبة والتواصل، ويتهيئون لاستقباله، ولكن هذا العام سيكون مختلفاً مع وباء كورونا، الذي تسبب في حرمان الأمة من مساجدها خوفاً من انتشاره، هذا الوباء الكارثي لعل فيه خيرا لنا، فقد منحنا العظة والتفكر في عظمة الله وقدرته على تغيير الأحوال، فالكل في الحجر الصحي بالمنازل، حتى يفرج الله على المسلمين التشافي من هذه المرض. وقد أعطى دروساً للبشرية في هذا العالم لا تُنسى، فهز كل اقتصاديات الدول وتسبب بخسائر وديون والخروج بالكامل من الأسواق لبعض القطاعات، وأفلس بمئات المؤسسات والشركات الصغيرة و الكبرى في قطاع الطيران وقطاع استثمار الترفيه والسفر والتجزئة.

ومن كورونا تعلمنا الاقتصاد وقيمة الوقت والمنزل والتعاون والتعامل مع الحياة، وأن الإنسان له شوق اجتماعي، ساعد على التغلب عليه متابعة منصات التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية والأرضية، التي جعلت منها منافذ لمعرفة أحوال الآخرين.

تغير السلوك الاستهلاكي والاجتماعي سيكون حتمياً في هذا الجيل، الذي سيكون ميوله أولا اقتصاديا، حيث يستطيع إنجاز أشياء كثيرة عن بُعد دون الحاجة للذهاب للمكتب، وتعلمنا أن قهوة البيت والكابشيتو لا تفرق شيئاً عن التي في السوق، وعليه ستتغير بنود وموازين الصرف بانخفاض مستويات الدخل حتى نعيش بمنطق ووسطية، هذه الصدمات كالامتحانات تروض النفس الطائشة، ولن تجد أقرب الأقربين إليك في مسألة احتياج مالي أو سلفة، الكل يُقصر ظله على نفسه فقط.

بالطبع تغير السلوك والنمط المعيشي يغلق فرصاً اقتصادية ومجالات ربحية مختلفة فكل عادة لها اقتصاديات مربحة تنمو مع هذا الاتجاه الجديد، فالكل يبحث ويفكر أين سيتجه هذا السلوك مستقبلا وكيف يستفاد منه في تحويل أو تطوير أو تحوير مجالك السابق ليتناسب مع هذه الاتجاه الصاعد، في مجال الأنشطة الاقتصادية المختلفة كالعقار والتجزئة والصحة والترفيه والسفر والتعليم.. وغيرها، علينا أن نُبادر في تحوير ما نملك من موارد، فلن يأتي أحدٌ ليساعدك على تحوير نفسك.

لذا يجب أن نغير نمط عقارتنا في توجهنا بما يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والاتجاه السلوكي الاستهلاكي الجديد. وأن ننظر لما مع الناس وماذا يريدون وكيف يريدون ومتى يريدون ولماذا يفضلون هذا المشروع عن ذاك عند الاستثمار.