إعداد: ريما السمرائي – جمانة عبد الرزاق
ديكور – تعمل شركة (LWK+PARTNERS) منذ نشأة مقرها الإقليمي في دبي عام 2018على تنمية البيئة العمرانية في المنطقة وخصوصاً في المملكة العربية السعودية. وفي أحدث مبادرات الشركة, أطلقت منشور «الظرف الأحمر» المستوحى من ثقافة المغلفات الحمراء التي تهدى في المناسبات وخصوصا في المجتمعات الآسيوية والتي تمثل جذور الشركة التي مقرها الرئيسي هونغ كونغ. « الظرف الأحمر» بنسخه الثلاثة يتناول محاور ومواضيع عدة تتمحور حول البيئات المبنية والتحديات وعلاقة الإنسان بهذه البيئات المتغيرة ويعتبر مرجع حر لنشر المعرفة وإثراء المحتوى المعماري عالميا وفي المنطقة، متوفر بنسخ مطبوعة محدودة ونسخ إلكترونية على موقع الشركة في مبادرة فريدة من نوعها تأصل مبادئ التبادل المعرفي والعطاءالمؤسسي.
قراءة مفهوم «بين البينين»
في كل نسخة يتم استضافة مشاركين من خلفيات مختلفة للمساهمة من خلال تقديم محتوى وأفكار متميزة تسهم في إثراء ثقافة الحوار والنقاش. في أحدث نسخة بعنوان «بين البينين» تناولت القراءة هذا المفهوم من عدة زوايا و من أهم هذه القراءات نظرة على التاريخ المعماري لمدينة «الرياض» بين أساسها ونموها.
في الرياض، تمثل العمارة المبنية على السياق علامة تطور فترة في نهايات القرن الماضي ولكن ما هي الهوية المعمارية للعاصمة السعودية اليوم وهي في طور التنقل بين أساسها المعاصر ومستقبلها الواعد؟
الرياض تثير اهتمام المؤرخين
واحدة من أعظم المدن التاريخية في الشرق الأوسط، عاصمة المملكة العربية السعودية، لطالما أثارت الرياض اهتمام المؤرخين والاقتصاديين والمخططين الإسلاميين والعرب. بعد ارتفاع أسعار النفط في السبعينيات، شهدت الرياض طفرة غير عادية في التنمية بمتوسط 11,500 رخصة بناء تصدر كل عام بين عامي 1977 و 1986. تمت دراسة التطور المستمر للمدينة في جميع أنحاء العالم ، وقام المنشور الأمريكي و نيوزويك بتسميته «أكبر موقع بناء في تاريخ البشرية». مما أدى إلى ظهور شركات ومؤسسات حكومية معمارية سعودية ، بالإضافة إلى جذب المهندسين المعماريين، وسرعان ما أصبحت الرياض أرضًا خصبة للتجارب في البيئات المبنية ، ومنصة لمزج العمارة الحديثة و المعاصرة مع أساليب العمارة التقليدية.
تصميم نهج بنائي لتجسيد الواجهات
وفقًا للدكتور صالح الهذلول، الأستاذ الجامعي السعودي والناقد المعماري في احدى محاضراته حول هذا الموضوع، فقد بدأ مصممو هذه المباني نهجًا لتجسيد الواجهات، والذي تبناه لاحقًا عدد من المهندسين المعماريين العاملين في الرياض. حيث تشمل المباني البارزة من هذه الفترة الزمنية معهد الإدارة العامة من قبل «والتر غروبيوس شركة المعماريين التعاونية»، وكذلك حرم جامعة الملك سعود ، والذي تم تنفيذه من قبل «اتش او كيه» وفريق رباعي.
شهد منتصف الثمانينات تشكيل وعي جديد فيما يتعلق بالهندسة المعمارية والبناء في الرياض. كما أشار الهذلول، بدأ عدد من المهندسين المعماريين العرب والسعوديين بلعب دور أكبر في تطوير المدينة ومن أبرزهم: باسم الشهابي، مدير شركة العمرانية وشركاه، شركة مجموعة بيئة السعودية للاستشارات وعبد الرحمن الجنيدي.
استحضار العمارة التقليدية
وفي ذلك الوقت، صمم الشهابي مباني مقر مجلس التعاون الخليجي في الرياض، والتي تهدف إلى استحضار العمارة التقليدية للمنطقة، إضافة إلى التصميم الأولي لقصر طويق، والذي تم استكماله لاحقًا بالتعاون مع شركة «أتيليير فري أوتو» الألمانية «وبورو هابولد» من المملكة المتحدة، وتم بناء قصر طويق في عام 1985 في الحي الدبلوماسي، وتمت الإشادة به لربطه بين الماضي والحاضر، بهيكله المكون من الخرسانة المدعمة والجدران الخارجية المكسوة بالحجر الجيري والخيام ذات الهيكل المشدود.
مبادرة مستقلة في البحث والتوثيق
وفقًا للعمارة السعودية مبادرة مستقلة متخصصة في البحث والتوثيق وأرشفة المحتوى المعماري في المملكة، كان مهندسو السبعينيات والثمانينيات يهدفون لتطوير نهجهم الخاص وكيفية ارتباط هذا النهج بالسياق المحلي. وقالت المعمارية نجود السديري، أحد المؤسسين: «في رأيي، كانت شركة عمرانية تحاول حقًا تحديد التناغم لما تبدو عليه الحداثة في مدينة مثل الرياض». «في حين أن شركة بيئة ركزت بشكل كبير على الهندسة المعمارية النجدية التي يحركها السياق والتي حاولت الحفاظ على مظهر من الماضي محافظ على الهوية»، وأضافت زميلته المعمارية سارة العيسى، «نعم، وبالنسبة لعبد الرحمن الجنيدي، يمكننا أن نرى بوضوح المباني ذات العمارة القاسية والعمارة الإسلامية.»
تطور العمارة السياقية في الرياض
شهدت الثمانينيات وأوائل التسعينيات زيادة في تطور العمارة السياقية في الرياض ، والتي استقطبت المفردات النجدية التقليدية من خلال عدسة معاصرة.و هنا الأمثلة وفيرة ، والتي تشمل تصميم المهندس المعماري الفلسطيني الأردني راسم بدران لمباني المسجد الكبير في الرياض وقصر الحكم (1992). حيث نجح بدران وشركته دار العمران في إعادة بناء طابع وروح المدينة الإسلامية القديمة ، ليس فقط من خلال دمج الأشكال النجدية التقليدية ، ولكن أيضًا من خلال اندماج المسجد في النسيج العمراني لمركز المدينة القديمة.
مشاريع تمنح هوية المدن الشخصية
قدمت هيئة تطوير مدينة الرياض تصميم مركز التعمير (1997) ، والذي يضم صلة بين التنمية العمرانية للمدينة والهوية الاجتماعية والثقافية للرياض من خلال دمج المتغيرات العمرانية مثل التراث والبيئة وأنماط الحركة.
قال المهندس بدران: «مع ازدهار الرياض، أعطت تلك المشاريع المدينة الهوية الشخصية التي نراها اليوم». «بعض المشاريع التي قمنا بها في وسط المدينة، أو حي الديرة، مثل المسجد الكبير والقصر الحاكم ، أعطت المدينة «ذاكرة المكان» و التي تعني عكس ذكريات المنطقة من خلال فهم تراثها المعماري ودمجها لقيم وأخلاق المجتمع». و بدوره أنتج هذا منتجًا معماريًا مرتبطًا بالبيئة المحلية والمناخ وجيولوجيا المنطقة مضيفا قيمة اجتماعية مميزة.
دمج التراث بطريقة حَرْفِيّة
قال المهندس جمال بدران: «في رأيي، هناك ثلاثة جوانب للطريقة التي يصمم بها المعماريون المباني في الرياض اليوم». «الذين يحاولون دمج التراث بطريقة أكثر حَرْفِيّة ، والذين يحاولون تبني مفهوم التراث ودمج قيم المجتمع ، والذين يدمجون نهجًا أكثر حداثة مرتبط بالتكنولوجيا».
إحدى القوى الدافعة التي تحمي الهوية المعمارية للرياض في مضييها قدمًا من تأسيسها إلى مستقبلها، هي رؤية العمارة السلمانية، وهو نهج تنموي مستمد من الملك سلمان، الذي حكم الرياض لأكثر من 40 عامًا. ومنذ الثمانينيات, جميع المشاريع الكبرى تحت إشراف بلدية الرياض ربطها من خلال مُثُل تفكيره. فخر الملك سلمان الكبير بالتراث التاريخي والسياسي والاجتماعي والمعماري للمملكة دفع بصيرته الشخصية إلى تحديد الكيفية التي يجب بها تطويرالمدينة. معارضا تبني أو زرع أنماط غربية أو شرقية حديثة لا علاقة لها بالبيئة المحلية.
قال فريق العمارة السعودية، الذي يضم منصور الصوفي وفلوة البريك: «مصطلح العمارة السلمانية موجود في جميع طروحات المشاريع». «تمت صياغته في الأصل في التسعينيات وهو الآن يظهر من جديد، بالتزامن مع ظهور مشاريع جديدة.
ديكور