بدأ ضوء شمس المملكة العربية السعودية يتسلل للحياة بمولد الإمام محمد بن سعود في عام 1697، الذي شب في بيتٍ آثر حب التراب على حب الذات، ليكتسب أفراده حنكة القيادة وحكمة اتخاذ القرار المصيري الذي ينتظره عقلاء مجتمع الجزيرة العربية التي فرقت بينهم حياة القبلية، وأُضرمت النيران حول خلافاتهم حتى جاء عام 1727 حاملاً البشرى بقيام دولة جديدة أعلنت عن نفسها، من العاصمة الدرعية، بقوة الحُجة وصدق البيان.
جاء يوم 22 فبراير من ذاك العام فألاً حسناً على مجتمع نجد، الذي وجد له مرجعية سندها شريعة الإسلام في ممارسة حياتهم، ليلتف زعماء العشائر والقبائل حول الفتى الملهم بمولد الإمام محمد بن سعود وهو ابن الثلاثين عاماً، لم يكن طريق التأسيس ممهداً بالورود مضخوخاً بالعطر والرياحين، بل واجه عنت أصحاب المصالح، فقاوم الفكر الرجعي بفكر رجل الدولة؛ يلين حين ينفع اللين ويشتد حين تفارق العقول مراسي الوطن ومصلحته.
ثلاثة قرون مرت على هذا تأسيس مملكتنا الحبيبة، وخلالها مرت بمنعطفات تاريخية مهمة وصعبة، وقاومت ببسالة الهجمة الاستعمارية التي اجتاحت العالم العربي والشرق الأوسط، إلى أن بدأت مظاهر الدولة الحديثة بتوحيد شبه الجزيرة العربية على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، ومن هذا التحول نفخر جميعنا كسعوديين ونحتفل به في يوم 23 سبتمبر، ويوما التأسيس واليوم الوطني (توأمان) ونجمان في سماء مملكتنا الحبيبة نستلهم منهما معاني العزة والرفعة والشموخ، وهما إعلان رسمي بأننا هزمنا ما قاله المستحيل لن يكون.. هزمنا اليأس ببيارق الأمل، والفرقة بالالتفاف حول الوحدة الجاذبة التي أضاءت قناديلها أرجاء جزيرة العرب لتكون نواة لرفاهية المواطن الذي سار خلف قيادته الرشيدة على مر تلك السنوات مستبدلاً الولاء للقبيلة بالولاء للوطن.. وأي فخر أعظم من هذا يا موطني يا سنا الفجر.
يحق لنا أن نفتح القلب لليومين فكلاهما رسم التاريخ في حقبته الزمنية، وكلاهما أضاء الغياهب ومنح الدولة القوة لتبني نفسها حتى وصلت للعهد الحالي الزاهر الذي يترقبه العالم بدهشة وهو يرنو إلى منصات الدول العظمى بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله.