عبر حياتنا نلتقي يومياً بنماذج مختلفة من البشر وأنواعاً وأنماطاً من الشخصيات متباينة تماماً في الطباع والأفعال وردود الأفعال والحالة المزاجية، برغم التشابه الشكلي الذي نلاحظه في بعض الوجوه، إلا أنه من المستحيل أن تتشابه الشخصيات، فالكيمياء الخاصة لكل فرد تختلف تماماً مع الآخرين كاختلاف بصمة الأصبع والعين فلا يوجد شخصان في العالم لديهما نفس البصمة، أو على الأقل لم يثبت العلم هذا التشابه . . ولأن الإنسان بطبعه – كما يقول علم الاجتماع – كائن اجتماعي يميل بالفطرة إلى العيش ضمن مجموعات، ولا يفضل العزلة أو الابتعاد عن الناس، من هنا يلجأ إلى اتخاذ أصدقاء وتكوين صداقات عبر المحيط الذي يعيش فيه .
القلق يبدأ عند اختيار الصديق حيث تختلف أصنافهم وتتعدد، وقد يكون ظاهره يختلف عما يبطنه فهناك صنف منهم حينما تعرض عليه أحلامك أو خططك المستقبلية، تجده يكيل لك النصائح ويقدم المشورة التي لا تعتمد على علم أو ثقافة، بل وتجافي المنطق، وتحبط أكثر مما تعطي الأمل، ويجعلك تتراجع ألف خطوة، هذا النوع يشعرك بأنه مفيد لك، لكن بكل أسف أنا أراه كالحشائش الضارة التي تنمو على أطراف البساتين اليانعة ضررها أكثر من نفعها، ويجب اجتثاثها، فهم كقطاع الطرق الذين يجب أن يتم التخلص منهم، لأنهم يقطعون طريق الأحلام والأماني والطموح، أمام من حولهم .
وهذا الصنف لديه فن كبير في إغلاق الأبواب أمامك بإحكام، يذكرني بقصيدة كنّا ندرسها صغاراً وكان مطلعها «برز الثعلب يوماً في ثياب الواعظين . . الخ»، فهو يمتلك وصفات سحرية في وضع العراقيل والتحديات ويقذف في قلبك التردد والخوف من أي خطوة إيجابية في حياتك، وكلما اقترحت عليه فكرة جديدة أو عملاً أو مشروعاً تود القيام به لا تجد منه إلا كل اعتراض ورفض، بل وأحياناً يضع أحلامك موضع سخرية وانتقاد وتهكم .
لذلك عندما تريد أن تناقش موضوعاً ما، يجب أن تختار الشخص المناسب القادر على أن يعينك ويقدم لك النصيحة المناسبة، من دون أن تغلب عليه روح الحقد والتنافس أو الشعور بأنك من الممكن أن تنجح وتتخطاه وتتركه في فشله فيوجه إليك سهام حقده، وتعمل داخله سريعاً أجهزة الحقد التي تشتعل دائماً في وجوه كل الناجحين .