أملاك-تقارير – محمد آل مكي
أظهر المعرض الزراعي السعودي الذي أختتم الأربعاء الماضي الاهتمام الكبير من القطاعين العام والخاص، في قطاع الزراعة في المملكة العربية السعوديةمن حيث الانتاج والتقنية، حيث تحسنت بشكل كبير على مدى العقود الماضية. على الرغم من أن السعودية تشكل الصحاري جزءا كبيرا من مساحتها، إلا أن هناك العديد من المناطق التي تمثل مناخاً وأرضاً خصبة للزراعة. وقد ساهمت الحكومة في هذه العملية عن طريق تحويل مناطق واسعة من الصحراء إلى الحقول الزراعية من خلال تنفيذ مشاريع الري الكبرى واعتماد هذه الآلية على نطاق واسع، حيث تم تطوير الزراعة في السعودية، مضيفة بذلك المناطق القاحلة سابقا إلى المخزون من الأراضي الصالحة للزراعة.
اكتفاء وتصدير
ولا يتركز الاهتمام في الوقت الحاضر في الزراعة في السعودية على الإكثفاء الذاتي بل تصدير بعض المنتجات الزراعية للخارج، منها التمور ومنتجات الألبان والبيض والأسماك والدواجن و الفواكه والخضروات والزهور إلى الأسواق في جميع أنحاء العالم. كما أن الدولة تعمل في الصناعة والصناعة البترولية والبيتروكيماوية بشكل كبير فهي تشجع أيضاً على الزراعة، وتعتبر وزارة الزراعة هي المسؤولة في المقام الأول عن السياسات الزراعية في البلاد، كما أن القطاع الخاص يلعب دورا مهماً أيضاً في الانتاج المحلي وتعزيز التصدير للخارج. وتقدم الحكومة قروضا بدون فوائد وعلى المدى الطويل.
اكدت العديد من المنظمات الزراعية على أن تجربة المملكة فى المجال الزراعي فريدة من نوعها خاضتها بكل طموح محققة بذلك نجاحا تجاوز الهدف المنشود وتخطاه إلى مرحلة التصدير للخارج للعديد من المحاصيل والمنتجات الزراعية والحيوانية.
مؤشرات اقتصادية متينة
وأكدت المؤشرات الاقتصادية متانة هذا القطاع، ودوره الرائد بوصفه رافدا أساسيا للاقتصاد الوطني، ومن أهم مصادر تنويع الدخل القومي وداعم للأمن الغذائي للمواطنين والمقيمين في المملكة، من خلال ما حققه هذا القطاع من نمو مضطرد سنة بعد أخرى ليصل الناتج المحلي الزراعي إلى 42.2 مليار ريال الأعوام الماضية.
وأرجعت التقارير والإحصاءات الصادرة عن وزارة الزراعة التطور الذي حققته المملكة في مجال الزراعة إلى السياسة الحكيمة التي نهجتها وتنتهجها الدولة بقيادة خادم الحرمين التي اعتمدت في أساسها على تشجيع المزارعين ودعمهم وتقديم الحوافز لهم ممثلة في القروض الميسرة بدون فوائد والأراضي الزراعية المجانية وشراء بعض المحاصيل منهم بأسعار تشجيعية.
ومن بعض أوجه هذا الدعم الحكومي رفع مقدار الإعانة لأنظمة الري المرشدة المختلفة لتصل إلى 70% بدلاً من 25%، وزيادة سعر شراء التمور من المزارعين من 3 ريالات للكيلو جرام إلى 5 ريالات لمن يستخدمون طرق الري الحديثة، وزيادة كميات التمور من المزارعين من 21 ألف طن إلى 25 ألف طن، ودعم إنشاء الجمعيات التعاونية الزراعية وكان آخرها إنشاء الجمعية السعودية للزراعة العضوية التي دعمها ولاة الأمر بمبلغ 18 مليون ريال.
صندوق التنمية الزراعية
ومن أوجه الدعم أيضا إصدار نظام صندوق التنمية الزراعية برأسمال قدرة 20 مليار ريال لدعم مسيرة التنمية الزراعية بالمملكة مع مراعاة المحافظة على المياه وترشيد استخداماتها للمحافظة على البيئة، وفي ظل الأزمة العالمية التي تواجه العالم من نقص الغذاء وجه مجلس الوزراء بإنشاء شركة زراعية تهتم بالاستثمار الخارجي بهدف تأمين احتياجات المملكة من بعض السلع الزراعية التي تستهلك كميات كبيرة من المياه مثل (القمح – الأرز) ولتكون داعمة ومكملة للقطاع الزراعي بالمملكة، وبالرغم من قلة المياه في المملكة وصحرائها الشاسعة التي عدها بعض الخبراء غير صالحة للزراعة، إلا أن عزم المملكة على خوض تجربة تنموية زراعية فريدة من نوعها أوصلها إلى ما هي عليه الآن من نهضة زراعية كبيرة.
خطة زراعة حتى عام ٢٠٣٠
وتقوم وزارة الزراعة بإعداد خطة استراتيجية للتنمية المستدامة حتى عام 2030م، بهدف استكمال تحديث القطاع الزراعي ليكون أكثر تطوراً وتنوعاً ونمواً ومستنيراً برفع كفاءة استخدام الموارد الطبيعية وخاصة الموارد المائية اعتماداً على الميزة النسبية للمناطق المختلفة للإسهام في تحقيق الأمن الغذائي المستدام بمفهومه الشامل والتنمية الريفية المستدامة لتحقيق الاستقرار الاجتماعي.
وأبرزت التقارير والإحصاءات العديد من المحاصيل الزراعية التي حققت فيها المملكة نتائج متميزة، وفي ظل التوجهات الحالية والمستقبلية لاستراتيجية التنمية الزراعية الهادفة إلى تحقيق التوازن بين الأمن المائي والأمن الغذائي بما يكفل تحقيق الزراعة المستدامة وتنويع القاعدة الإنتاجية.
انجازات عديدة
وحقق القطاع الزراعي في السعودية إنجازات كبيرة وبات من أهم القطاعات الاقتصادية في المملكة، إذ يسهم في الناتج المحلي للمملكة بنسبة 2 في المئة، وحدث ارتفاع في الناتج المحلي للقطاع الزراعي من 6,3 بليون ريال العام 1981 إلى نحو 53,7 بليون ريال في العام الماضي 2014.
حظي القطاع الزراعي بالدعم الكبير من الحكومة في العقود الماضية حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وأخذ هذا الدعم أشكالاً كثيرة منها ما هو مباشر ومنها ما هو غير مباشر، وأن الحكومة هيأت المناخ المناسب للاستثمار الزراعي من خلال سن الأنظمة والتشريعات، وقدمت الدعم بكل أشكاله، وكذلك حوافز وبرامج لتشجيع الاستثمار الزراعي، ما كان له الأثر الفاعل في النهضة الزراعية التي تشهدها المملكة اليوم.
وأيضا حققت المملكة معدلات نمو إيجابية في القطاع الزراعي، إذ احتل القطاع مكانة بارزة بين قطاعات الاقتصاد الوطني، كما أصبح القطاع يوفر الجزء الأكبر من الحاجات الغذائية للسكان في المملكة وحقق نسباً متقدمة في الاكتفاء الذاتي لبعض المحاصيل، مما أسهم في رفع المستوى المعيشي لهم.
كما أن اهتمام وزارة الزراعة بالقطاع الزراعي أكثر تطوراً وتنوعاً جاء من خلال رفع كفاءة استخدام الموارد الطبيعية، خصوصاً الموارد المائية اعتماداً على الميز النسبية للمناطق المختلفة للمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي المستدام بمفهومه الشامل والتنمية الريفية المستدامة لتحقيق الاستقرار الاجتماعي، وتحول القطاع الزراعي إلى قطاع تقني يدار بأحدث الطرق التقنية التي تسهم في رفع كفاءة الإنتاج وخفض استهلاك الموارد الطبيعية وفي مقدمها المياه.
الاستثمار الزراعي الخارجي
وتحرص الدولة على الاستثمار الزراعي الخارجي كأحد المصادر الرئيسة لتحقيق الأمن الغذائي للمملكة، إذ تم إطلاق مبادرة الملك عبدالله – رحمه الله – للاستثمار الزراعي في الخارج والتي تهدف إلى الإسهام في تحقيق الأمن الغذائي وتوفير التسهيلات والتمويل اللازم لقيام الاستثمارات السعودية الزراعية في الخارج، والعمل على إيجاد مخزون استراتيجي من المواد الغذائية الأساسية في المملكة، وتعزيز الأمن الغذائي العام، إضافة إلى احتواء هذه المبادرة على جوانب إنسانية تؤكد دور المملكة العالمي للمساهمة في مواجهة أزمة الغذاء وتخفيف معاناة المجتمعات من الجوع وسوء التغذية.
ومن أوجه دعم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للقطاع الزراعي الموافقة على برنامج الوقاية من سوسة النخيل الحمراء ومكافحتها بأكثر من 1.7 بليون ريال، والذي يهدف إلى المحافظة على ثروة النخيل الوطنية بالمملكة والحد من المخاطر الاقتصادية الناجمة عن تفشي الإصابة بهذه الآفة الخطرة.
وأيضا الموافقة على برنامج تطوير قطاع الثروة السمكية في المملكة والذي يهدف إلى تطوير قطاع الثروة السمكية بوصفه أحد الركائز المهمة لتوفير الأمن الغذائي الصحي للمملكة، مع التركيز على دعم قطاع الاستزراع المائي، خصوصاً في الأقفاص البحرية العائمة على شواطئ المملكة، كما يهدف إلى توفير فرص عمل جديدة مباشرة وغير مباشرة لأبناء الأرياف في قطاع الثروة السمكية.
هيكلة التركيبة المحصولية
وحدثت تغيرات هيكلية في التركيبة المحصولية والغذائية للقطاع الزراعي خلال الفترة الماضية إذ تراجع إنتاج الحبوب من 4.86 ملايين طن إلى نحو 1.5 مليون طن مقابل زيادة إنتاج الخضراوات والفواكه، وبلغ إجمالي المساحة المزروعة 328725 هكتارا.
وتجاوز إجمالي إنتاج المملكة من الفاكهة خلال الأعوام الماضية أكثر من المليون وخمسمائة وخمسين ألف طن على مساحة بلغت نحو 227 ألف هكتار، فيما بلغ إنتاج التمور 992 ألف طن على مساحة تقدر ب155 ألف هكتار من خلال نحو 25 مليون نخلة منتجة، وارتفع عدد السدود إلى 315 بلغت سعتها التخزينية نحو 1.64 مليار متر مكعب.
الثروة الحيوانية
أما أعداد الثروة الحيوانية في المملكة وصلت إلى أكثر من ثلاثة عشر مليون رأس منها أكثر من أربعمائة وأربعة ألف رأس من الأبقار، وثمانية ملايين وسبعمائة وأربعين ألف رأس من الأغنام، وثلاثة ملايين وأربعمائة ألف رأس من الماعز، وثمانمائة وعشرة آلاف من الإبل.
وأحصت التقارير إنتاج المملكة من الألبان بأكثر من مليار وستمائة وثلاثة ملايين لتر، فيما وصل إنتاجها من اللحوم إلى 719 ألف طن منها مائة واثنان وسبعون ألف طن من اللحوم الحمراء و447 آلاف طن من لحوم الدواجن، وأكثر من 100 ألف طن من الأسماك والربيان.
وبلغ عدد العاملين في القطاع الزراعي نحو أكثر من511 ألف شخص، فيما ارتفع عدد العاملين في مهنة صيد الأسماك إلى أكثر من ثمانية وعشرين ألف شخص، أما عدد مراكب صيد الأسماك فبلغت نحو 12 ألف مركب.