تشهد المملكة العربية السعودية طفرة عمرانية هائلة مدفوعة برؤية 2030 التي تسعى لتطوير بيئة عمرانية متكاملة، تجمع بين جودة التنفيذ وجمالية التصميم. في هذا السياق، استطلعنا آراء عدد من الخبراء والمتخصصين في مجال التشطيبات والمقاولات لمعرفة كيفية تحقيق المعادلة الصعبة بين الجودة والجمال، وأبرز التحديات التي تواجه السوق.
يتفق الخبراء على أن نجاح مشاريع التشطيب يعتمد على تحقيق التوازن بين جودة المواد، والالتزام بالجدول الزمني، والتحكم في التكاليف.
كما يؤكدون على أهمية وجود رؤية تصميمية واضحة منذ البداية، مع اختيار الكوادر المؤهلة والمصممين والمقاولين القادرين على تنفيذها بواقعية وكفاءة.
عبد اللطيف حجازي: التصميم الإبداعي بوابة التميز في التشطيبات

يرى عبد اللطيف عمر حجازي مدير المشروع لشركة S.N.C للمقاولات، أن تحقيق المعادلة بين اللمسة الجمالية والجودة يتطلب تبني أفكار تصميمية إبداعية تعتمد على مواد غير تقليدية ذات جودة عالية. ويوضح أن التصميمات المبتكرة والخارجة عن المألوف تمنح المساحات بعدًا فنيًا ووظيفيًا في الوقت ذاته، ما يجعلها أكثر جاذبية وإلهامًا.
يشدد حجازي على أهمية تنفيذ أعمال البناء وفق أسس سليمة، مع ضرورة وجود تعاون وتنسيق فعّال بين كافة الأطراف المعنية، بدءًا من المصمم الداخلي والمعماري، مرورًا بفرق التنفيذ والعمال، وصولًا إلى مهندس الموقع. ويؤكد أن هذا التنسيق يضمن تحقيق رؤية موحدة للمشروع، وينعكس في النهاية على جودة ودقة التشطيبات، بما يرضي كافة الأطراف.
يؤكد أن التشطيبات ليست مرحلة منفصلة عن البناء، بل يُنظر للمشروع ككتلة واحدة متكاملة. ويوضح أنه يتابع المشروع من لحظة بدء الحفر وحتى تسليم المفتاح، مشددًا على أن نجاح التشطيب مرتبط ارتباطًا وثيقًا بسلامة البناء وجودة التنفيذ منذ البداية. ويرى أن غياب التنسيق بين المخططات الإنشائية والتشطيبية يؤدي إلى ظهور أخطاء كبيرة وتكاليف إضافية.
يقر بأن السوق يواجه بالفعل نقصًا في العمالة الماهرة وأصحاب الخبرات، خاصة في ظل التطور المستمر الذي يشهده قطاع التصميمات والتشطيبات. ويوضح أن الاتجاه نحو التصميمات العصرية غير التقليدية وظهور مواد حديثة فرض على العاملين في المجال ضرورة اكتساب مهارات جديدة تواكب الابتكارات المتلاحقة.
يختتم حجازي حديثه بنصيحة موجهة للعملاء، يؤكد فيها أن أول وأهم خطوة في أي مشروع تتمثل في اختيار المصمم المناسب الذي يمتلك القدرة على تجسيد أفكار العميل بشكل واقعي، مع مراعاة الإمكانيات المتاحة. ويحذر من الانسياق وراء التصاميم المستوردة التي قد لا تتلاءم مع البيئة والثقافة المحلية.
كما يؤكد على أهمية اختيار المقاول والمشرف بعناية، مشددًا على أن النجاح يرتبط بثلاثية “التكلفة – الوقت – الجودة”، وأن التوازن بين هذه العناصر هو مفتاح نجاح أي مشروع.
يشير سمير: جودة المواد ووحدة المصدر.. مفتاح النجاح
من جانبه، يشير هيثم سمير من مجموعة شركات كومكس الصناعية إلى أن تحقيق الجودة في التشطيبات يعتمد بشكل كبير على توحيد جهة التوريد، بحيث تأتي الدهانات والمعجون من الشركة ذاتها لتفادي أي مشكلات قد تنتج عن عدم التوافق بين المواد المختلفة. أما اللمسة الجمالية، فيراها سمير انعكاسًا مباشرًا لذوق العميل وتفضيلاته الشخصية، حيث تُتاح له حرية اختيار الألوان والتصاميم التي تناسب رؤيته، ما يحقق التوازن بين الجودة والجمال.
يوضح سمير أن أعمال التشطيب الجاهزة، مثل الفيوتك الداخلي والخارجي، من أبرز العناصر التي تضفي لمسات جمالية واضحة. ويشير إلى وجود شركات متخصصة في تصميم الفيوتك بما يلبي المتطلبات الخاصة لكل مشروع وفق رؤية العميل.
يرى أن التشطيب عادةً ما يكون منفصلًا عن البناء الرئيسي، موضحًا أن هناك فرقًا متخصصًا لكل مرحلة. فبينما يتولى فريق البناء الإنشاءات الأساسية، يتولى فريق آخر متخصص التشطيبات. ويعتبر أن هذا الفصل يضمن تنفيذ كل جانب من جوانب المشروع بواسطة محترفين متخصصين، ما يساهم في رفع مستوى الجودة النهائية.
يؤكد أن نقص العمالة الماهرة يمثل تحديًا حقيقيًا، موضحًا أن الاعتماد على عمالة غير مدربة يؤدي غالبًا إلى ظهور أخطاء تتطلب إصلاحها لاحقًا، وهو ما يرفع التكاليف ويزيد مدة التنفيذ. لذا يرى أن اختيار العمالة الماهرة منذ البداية يُعد عنصرًا جوهريًا لضمان جودة التنفيذ.
نور أحمد: الجودة تبدأ من إدارة الموارد وحمايتها
بدوره، يؤكد نور أحمد مدير الجودة في شركة كوماتي أن هذا التوازن يعتمد على حسن إدارة الموارد المستخدمة في التشطيبات والحرص على العناية بها طوال مراحل العمل.
يرى أحمد أن التوقيت المناسب لتنفيذ كل مرحلة يُعد من أهم متطلبات النجاح، مشددًا على ضرورة توفير الحماية اللازمة للزجاج والأسطح الحساسة لتجنب أي تلفيات. كما يؤكد أن تولي المشروع بواسطة أشخاص ذوي خبرة وكفاءة يُعد عاملًا حاسمًا في تحقيق نتائج مرضية.
يشدد نور أحمد على أن التشطيبات النهائية لا يمكن فصلها عن الهيكل الأساسي للمبنى، بل يعتبر البناء قاعدة يرتكز عليها نجاح التشطيبات. فكلما كانت أعمال الإنشاء دقيقة وسليمة، انعكس ذلك على جودة التشطيبات النهائية.
يقر بأن نقص العمالة الماهرة يمثل أحد أبرز التحديات، معتبرًا أن توفر العمالة المدربة يُعد حجر الأساس لضمان جودة التشطيبات، فضلًا عن مساهمتهم في إنجاز العمل بكفاءة واحترافية.
محمد أبو عزيزة: البناء الأخضر والتشطيبات الصحية
بينما يرى محمد أبو عزيزة مدير المواصفات في ناشونال باينتس، أن اللمسة الجمالية ترتبط بشكل مباشر بذوق العميل نفسه، حيث يُتاح له اختيار الألوان والأشكال التي تعكس شخصيته. أما الجودة فهي مسؤولية الشركات المنفذة، موضحًا أن المنتجات المستخدمة في التشطيبات يجب أن تكون صديقة للبيئة وصحية لضمان سلامة السكان، بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030.
ويؤكد أبو عزيزة أن دور الدهانات لا يقتصر على الجانب الجمالي فقط، بل يمتد إلى الحماية، حيث توفر طبقات الدهان حماية فعالة للأسطح المختلفة.
يوضح أن الشركة توفر أحدث أنواع الدهانات الداخلية والخارجية، مع باقة واسعة من الألوان التي تمنح العميل حرية الاختيار. كما تتميز المنتجات بالالتصاقية العالية ومقاومة الحرارة والأتربة، بما يضمن طول عمرها الافتراضي.
ويضيف أن المملكة تتبنى حاليًا معايير المباني الخضراء (LEED)، التي تفرض تقليل أو إلغاء الرصاص في الدهانات المستخدمة، ما يساهم في الحد من الانبعاثات الضارة وتعزيز الاستدامة البيئية.
مازن زيدان: كسر حاجز الأعمال التقليدية والخروج عن المألوف
من جانبه، أكد مازن زيدان، مدير العمليات في أرت جلاس، أنهم يعملون على لكسر حاجز الأعمال التقليدية والخروج عن المألوف، وأشار تقنية تصميم البارتشن؛ موضحًا أنه قد يبدو الزجاج في البداية تقليديًا، لكننا ندمج بين تقنيات دمج الزجاج والنقش عليه لنخلق تصاميم أكثر جمالًا وإبداعًا.
وأوضح زيدان أن المنطقة العربية لا تزال تحتفظ ببعض الطابع التقليدي، رغم وجود أفكار جديدة في تطوير البيوت والفنادق والفلل، وخاصة غرف النوم. نحن نعمل على أخذ أفكار العملاء وتطويرها بطريقة أفضل، وتعمل المجموعة على أنواع الزجاج مثل: دمج الزجاج، والنقش، والرسم، والطباعة. وأبان زيدان أنهم يتجاوزون الفكرة التقليدية لكي نحقق جماليات جديدة.
وعن وصول المبنى لصورته النهائية، قال زيدان: “يجب علينا أن نتواصل مع المهندس أو صاحب المنزل لتحقيق فكرة تلبي توقعاتنا وتكون مرضية لهم في نفس الوقت. الهدف هو أن نصل إلى تصميم يجعلنا فخورين بعملنا، ويعكس أيضًا جمال المنزل وراحة أصحابه”.