في ظل النهضة العمرانية التي تشهدها السعودية، يتجه المشترون من القطاع الخاص لضخ 4.58 مليار ريال (1.22 مليار دولار) في السوق العقاري السكني هذا العام، مع استعدادهم لدفع علاوات سعرية مرتفعة للحصول على وحدات داخل المشاريع الضخمة، وفقًا لتقرير “السعودية 2025” الصادر عن شركة نايت فرانك للاستشارات العقارية. ويعكس هذا التوجه تحوّلًا في أولويات المشترين، حيث أصبحت هذه المشاريع الأيقونية خيارًا جاذبًا للراغبين في امتلاك عقارات ذات قيمة استثمارية ومعيشية عالية.
إنفاق مليارات الريالات على العقارات السكنية
أظهر استطلاع أجرته نايت فرانك بالشراكة مع YouGov، وشمل 1,037 أسرة سعودية و100 مقيم، أن المشترين يخططون لإنفاق 1.83 مليار ريال (489 مليون دولار) على العقارات السكنية في مختلف أنحاء المملكة، بينما تم تخصيص 2.75 مليار ريال (733 مليون دولار) للاستثمار في المشاريع الضخمة. وتشير البيانات إلى أن السعوديين يمتلكون الحصة الأكبر من رأس المال الجاهز للاستثمار في هذه المشروعات، حيث يبلغ إجمالي ما يعتزمون إنفاقه 2.6 مليار ريال، مقابل 133.7 مليون ريال من المقيمين.
المشاريع الضخمة تجذب المستثمرين
ورغم أن 42% من المشاركين في الاستطلاع وضعوا سقف ميزانيتهم عند 1.5 مليون ريال لشراء منزل خارج المشاريع الكبرى، إلا أن العديد منهم أبدى استعدادًا لإنفاق مبالغ أكبر للعيش في أحد هذه المشروعات الطموحة. وكشفت النتائج أن 20% من المشاركين على استعداد لدفع أكثر من 4.5 مليون ريال مقابل منزل ضمن مشروع ضخم، ما يعكس ارتفاع الطلب على الوحدات السكنية في هذه المناطق.
كما أظهر التقرير أن متوسط الميزانية المرصودة للمنازل داخل المشاريع الضخمة يبلغ 3 ملايين ريال، مقارنة بـ 2.2 مليون ريال للمنازل خارجها، وهو ما يعكس الفارق الكبير في القيمة السوقية بين الفئتين. ويعد السعوديون الذين تتجاوز دخولهم الشهرية 50 ألف ريال الأكثر إقبالًا على الاستثمار في هذا القطاع، بمتوسط ميزانية 5.2 مليون ريال لشراء منزل في أحد المشاريع الكبرى.
تفاوت ملحوظ في توجهات الإنفاق بين الشرائح الدخلية
ورغم الاهتمام الواسع بالمشاريع الضخمة، أظهرت البيانات تباينًا في توجهات الإنفاق بين الشرائح ذات الدخل المرتفع. فبينما كشف 55% من السعوديين الذين تتراوح رواتبهم بين 60 و70 ألف ريال شهريًا عن عدم رغبتهم في إنفاق أكثر من 750 ألف ريال على منزل داخل مشروع ضخم، فإن 41% من السعوديين الذين يتقاضون أكثر من 80 ألف ريال شهريًا يخططون لإنفاق أكثر من 20 مليون ريال للحصول على منزل في هذه المشاريع، ما يعكس اختلاف الأولويات الاستثمارية بين الفئات العليا.
تحذيرات من فائض المعروض العقاري الفاخر
ورغم هذه المؤشرات المشجعة، حذر هارمن دي يونغ، الشريك الإقليمي ورئيس قسم الاستراتيجية والاستشارات في نايت فرانك السعودية، من إمكانية حدوث فائض في المعروض من المنازل الفاخرة، في ظل محدودية الفئات القادرة على شراء هذه الوحدات، مشددًا على أهمية استقطاب شرائح جديدة من المشترين سواء من داخل المملكة أو خارجها لضمان استمرار التوازن في السوق.
وأشار دي يونغ إلى التحديات التي يواجهها المطورون العقاريون في تنفيذ خططهم الطموحة، والتي تشمل 1.04 مليون وحدة سكنية، وأكثر من 7.7 مليون متر مربع من المساحات المكتبية، بالإضافة إلى 7.4 مليون متر مربع من المساحات التجارية، و362 ألف غرفة فندقية، مؤكدًا أن هذه المشروعات تشكل ضغوطًا كبيرة على الموارد، بما في ذلك العمالة الماهرة وغير الماهرة، وتوافر المواد الخام، فضلًا عن ارتفاع تكاليف الأراضي بوتيرة متسارعة.
