في عزّ الشمس.. قرار إنساني يحفظ الكرامة قبل الأجساد
د. عبدالحكيم بن عبدالله الخرجي
مع بداية صيف 2025، جاء القرار المنتظر: منع العمل تحت أشعة الشمس من الساعة 12 ظهرًا حتى 3 عصرًا، خلال الفترة من 15 يونيو وحتى 15 سبتمبر. قرار قد يبدو للوهلة الأولى إجراءً تنظيميًا، لكنه في الحقيقة يعكس أعلى درجات الوعي الإنساني والرحمة بالعنصر البشري، خصوصًا أولئك الذين يقفون تحت أشعة الشمس الحارقة لأجل لقمة العيش.
إنها ليست مجرد ساعات ثلاث؛ بل هي اعتراف رسمي بحق العامل في أن يحيا بكرامة، وأن يُصان جسده من الإنهاك والضربات الحرارية التي تداهمه في قلب الظهيرة. المملكة بهذا القرار تضع الإنسان في قلب أولوياتها، وتؤكد أن التنمية الحقيقية لا تُقاس فقط بالمباني والاقتصاد، بل بكيفية حماية من يبنون هذا الوطن كل يوم بعرقهم.
هذا القرار ينسجم مع رؤية السعودية 2030، التي جعلت من تحسين جودة الحياة أحد مرتكزاتها، ومن السلامة المهنية هدفًا لا يقبل التهاون. كما أنه يرفع وعي المؤسسات بمسؤوليتها الأخلاقية والاجتماعية، ويعزز من ثقافة احترام العامل لا كمجرد أداة، بل كإنسان له حقوق ومكانة.
فلننظر لهذا القرار ليس كقيد زمني، بل كخطوة حضارية ترسم الفرق بين بيئة عمل تُهلك، وأخرى تُنصف. وبين وطن يبني بمبادئ، ووطن يعيش لمجرد الإنتاج. تحية لكل يد عاملة.. ولقرار يمنحها ظلًا في لهيب الصيف.
محامي وعضو هيئة حقوق الانسان