سجّلت أسعار المنازل الجديدة في الصين أكبر انخفاض شهري لها منذ سبعة أشهر خلال مايو الماضي، في إشارة جديدة إلى عمق الأزمة التي يواجهها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ودافع إضافي وراء تعهدات الحكومة الصينية المتكررة بإنعاش سوق العقارات المتعثّر.
وأظهرت بيانات مكتب الإحصاء الوطني الصيني اليوم الإثنين، أن أسعار المنازل الجديدة في 70 مدينة صينية – باستثناء المساكن المدعومة من الدولة – تراجعت بنسبة 0.22% مقارنة بشهر أبريل، الذي شهد بدوره تراجعًا أقل بلغ 0.12%. أما أسعار المنازل القائمة فانخفضت بوتيرة أكثر حدة، بلغت 0.5%، وهو أكبر تراجع يُسجَّل منذ ثمانية أشهر.
تآكل أثر التحفيز وتراجع الثقة
تأتي هذه البيانات وسط مؤشرات واضحة على تلاشي تأثير الإجراءات التحفيزية التي أُطلقت في سبتمبر 2024، والتي كانت تهدف إلى دعم السوق العقاري عبر تخفيف قيود الإقراض وتوفير حوافز للمطورين والمشترين. لكن استمرار انخفاض الأسعار يعكس ضعف الاستجابة، في وقت لا تزال فيه ثقة المستثمرين والمستهلكين مترددة.
في هذا السياق، كتب محللو مجموعة UBS في مذكرة بحثية حديثة: “نتوقع أن يستمر التراجع في سوق العقارات الصيني خلال 2025، ولكن بوتيرة أبطأ من عام 2024”.
وأشار استطلاع أجرته “يو بي إس” في أبريل وشمل 2500 مشارك، إلى أن أغلبية المشاركين يتوقعون استمرار انخفاض الأسعار خلال الفترة المقبلة، وهو ما قد يفاقم التردد في الشراء ويزيد من ركود السوق.
ضغوط متزايدة على السياسات الحكومية
في ظل هذه المعطيات، تجد الحكومة الصينية نفسها مضطرة لتكثيف التدخلات. فقد تعهّد رئيس الوزراء لي تشيانغ خلال اجتماع لمجلس الدولة يوم الجمعة الماضي باتخاذ إجراءات جديدة لوقف تدهور السوق العقارية، بحسب ما نقلته شبكة CCTV الرسمية.
وكان القادة الصينيون قد أعلنوا عن هذا التوجه السياسي في سبتمبر 2024، تبعه حزمة من الإجراءات التحفيزية، لكن يبدو أن هذه الخطوات لم تفلح في تحقيق الاستقرار المطلوب حتى الآن.
ونقلت وسائل إعلام رسمية، اليوم الإثنين، أن الحكومة المركزية ستواصل تنسيق السياسات المالية والنقدية القائمة والجديدة، في مسعى لتقوية تأثيرها وتحفيز الطلب، خصوصًا في ظل الضغوط التي تواجهها أرباح الشركات ومداخيل الأسر بسبب استمرار التراجع العقاري.
مخاوف ممتدة إلى 2025
التوقعات بخصوص سوق العقارات في الصين لا تزال سلبية، وإن بشكل أقل حدة. ويتوقع المحللون أن يظل القطاع في حالة تراجع خلال العام المقبل، ما لم تُتخذ تدابير أعمق وأكثر شمولاً.
ويُشار إلى أن سوق العقارات الصينية، الذي كان في السابق محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي، بات اليوم أحد أبرز مصادر القلق، مع تزايد المخاوف من تأثيره على النظام المالي الأوسع وركود الطلب المحلي.