مستقبل السوق العقاري السعودي بين الابتكار التقني والصفقات الكبرى
د. عماد العبد الرحمن
اختتم معرض سيتي سكيب الرياض 2025 فعالياته، مخلفًا مؤشرات قوية على مرحلة جديدة في السوق العقاري السعودي، تجمع بين توسع المعروض، التنافس الإقليمي، والتوجه نحو الابتكار التقني في التسويق والمبيعات.
لم يعد المعرض مجرد منصة لعرض المشاريع، بل أصبح مرآة لتوجهات القطاع خلال السنوات المقبلة، مع إشارات واضحة لنمو مستدام مدعوم بالاستثمارات الأجنبية والابتكار الرقمي.
وشهد المعرض هذا العام توقيع صفقات عقارية بملايين الريالات، تضمنت مشروعات سكنية، تجارية وسياحية. كما كان الحضور المكثف للشركات المصرية ملفتًا، إذ أبرمت شركات عدة صفقات كبيرة خلال أيام المعرض، مستفيدة من أنظمة تمويل مرنة وأسعار منافسة إلى جانب حضور الشركات العقارية الخليجية والتي عززت العلاقات العقارية بين المستثمر والمطور والعميل السعودي والخليجي والعربي ممثلا في المستثمر والمطور العقاري المصري ومن هنا أخذ المعرض بعده العربي والخليجي والدولي أن هذه المؤشرات تعكس قدرة السوق السعودي على جذب استثمارات إقليمية ودولية وزيادة التنافسية بين المطورين المحليين والإقليميين ونمو الطلب الفعلي للمستثمرين الباحثين عن عائد طويل الأجل.
ومن اللافت في نسخة هذا العام من المعرض حضور التقنية بشكل مخالف عن النسخ السابقة إذ حضرت تجربة الروبوت المسوق العقاري لأول مرة في سيتي سكيب 2025، اعتمدت بعض الشركات روبوتات تفاعلية في التسويق العقاري. تكلفتها 3,000 ريال يوميًا، لكنها قدمت تجربة مختلفة تمامًا للزائرين حيث استعرضت المشاريع والمخططات السكنية بطرق تفاعلية وأجابت عن استفسارات الزوار بشكل فوري ونظمت تدفق الزوار داخل الأجنحة ووفرت بيانات دقيقة عن العملاء المحتملين.
ومن مؤشرات نجاحات التجربة جذب الانتباه، تحسين كفاءة إدارة الزوار، وجمع بيانات دقيقة ولكن من أبرز القيود على تلك التجربة أن الروبوت لا يمكنه إتمام الصفقات، ولا يمتلك القدرة على التفاوض وبناء الثقة مع العملاء المعقدين. وإذا حاولنا اجراء مقارنة بسيطة بين المسوق البشري والروبوت نجد الروبوت: أداة مساعدة، توفر معلومات أولية، وتنظم البيانات وتسرّع الإجراءات داخل الجناح في حين أن المسوّق البشري يبني الثقة، ويفاوض، ويحول الاهتمام إلى صفقات فعلية ناهيك عن التكلفة المرتفعة لاستخدام الروبوت فبحسبة بسيطة نحد ان التكلفة السنوية للروبوت المسوق التي تبدأ من 3000 ريالا يوميا بحسب خبراء التقنية الذين شهدوا التجربة في المعرض فستكون التكلفة السنوية للروبوت المسوق العقاري تصل إلى حوالي مليون وثمانين الف ريالا سعوديا في أن تكلفة المسوق البشري السنوية أقل من ذلك الرقم بكثير ذلك ان منهم من يعمل بنظام العمولة على الصفقة أي انه لا يكلف الشركات العقارية الكثير ومن هنا نجد أن تكلفة الروبوت المسوق لا زالت مرتفعة جدا مقارنة بالمسوق العقاري البشري ولكن هل يمكن لتلك التكلفة أن تنخفض؟ الإجابة ببساطة نعم لكن لن يتمكن الروبوت المسوق من الوصول إلى كسب ثقة العميل او التفاوض معه
ومن هنا نجد ان الروبوت مكمل استراتيجي وليس بديلاً، ويعمل بشكل أفضل في نموذج هجين يجمع بين التقنية والخبرة البشرية.
ولتتضح الصورة أكثر نحاول إجراء تحليل اقتصادي للسوق بعد المعرض ستجد ان السوق بعد المعرض سيشهد زيادة المعروض من مشاريع سكنية وتجارية وسياحية ضخمة ستدعم التوازن بين العرض والطلب إضافة إلى السيولة المرتفعة عبر الصفقات الكبرى والتي تشير إلى قدرة المستثمرين على ضخ رؤوس الأموال في السوق.
أما البعد الجديد فهو التنافس الإقليمي: الشركات الإقليمية مثل المصرية والتي سترفع جودة العروض وتزيد خيارات المستثمرين.
أما من حيث المستقبل التقني فسيكون الاعتماد على Prop Tech والذكاء الاصطناعي ما سيزيد كفاءة السوق ويقلل تكاليف التشغيل.
ومن حيث المدن فستكون المدن الرئيسية التي ستشهد طفرة عقارية فهي الرياض، جدة، والمنطقة الشرقية والتي ستظل محور النمو، مع فرص استثمارية واسعة حتى 2030.
وفي المحصلة فإن سيتي سكيب 2025 لم يكن مجرد معرض، بل نقطة تحول للسوق العقاري السعودي والتجربة التقنية للروبوت تؤكد دخول السوق مرحلة التحول الرقمي في التسويق أما من حيث الصفقات الكبرى والتوسع الإقليمي تشير إلى نضج اقتصادي واستقرار السوق.
والخلاصة الأهم أن الدمج بين التقنية والخبرة البشرية سيصبح المعيار في التسويق وإدارة المبيعات.
وسيدخل السوق السعودي حقبة جديدة من الاحترافية، التنافسية، والاستدامة الاستثمارية، مع استمرار اعتماد التقنية والابتكار عوامل رئيسية في رسم مستقبل العقار.