كشفت المزادات الأخيرة في الرياض الأسبوع الماضي مدى قوة السوق العقاري ورغبة الكثيرين من المستثمرين في الاستفادة من الفرص العقارية التي تظهر من حين لآخر، وساهمت قوة الطلب في ازدياد ملحوظ في الأسعار, ولكن أن تصل أسعار العقارات في المزادات لأسعار عالية بصورة مذهلة ولا تتناسب إطلاقاً مع المواصفات الفنية والنوعية للعقار؛ فهذا أمر يجب التفكير فيه بصورة جادة وسريعة حتى لا تفقد المزادات مصداقيتها, على الرغم من أن بعض المزادات تمثل مناسبات جيدة ومتنوعة لاصطياد الفرص.
ولكن ما شاهدناه ووقفنا عليه في أول مزاد عقاري متنوع يُقام بإشراف محكمة التنفيذ بعد عيد الأضحى المبارك، حمل الكثير من التساؤلات المحيرة؛ حيث كان مختلفا عن توقعات العقاريين, وتفاجأ الحضور بعدم انخفاض الأسعار بالحد المتوقع, حيث كانت السمة السائدة هي المزايدات المفتعلة من بعض المستفيدين.
ومن خلال تواجدنا بالمزاد قابلنا الكثير من الراغبين في الشراء عن طريق المزايدة سألناهم عن انطباعهم عن الوضع؟ أفادوا بحسرة كبيرة “حضرنا للمزاد ونحن نخطط لاغتنام فرصة عقارية وبأسعار معقولة تتناسب مع السوق ونحن بكامل جاهزيتنا لخوض غمار التنافس الشريف وفي معيتنا الشيكات المصدقة, ولكن للأسف قفزت الأسعار فوق تقديراتنا “وأضاف البعض” كنا نعتقد أننا سنجد فرصاً إذا الأمور تمشي بصورة طبيعية ومتوازنة مع السوق, بسبب توقعات نزول الأسعار, ولكن تسربت كل أمنياتنا سريعاً عندما بدأ الحضور في المزايدات”.
وهنا نكشف عن أسرارٍ مهمة كانت نتيجة هذا الارتفاع غير المبرر في الأسعار, وليسأل سائل بدهشة “العقار في نزول.. فلماذا ترتفع الأسعار في المزادات؟؟
والمعلومة الغائبة عن الكثيرين- وللأسف الشديد- في مثل تلك المزادات هو أن الحضور ليس سواسية من ناحية توفر السيولة و”الكاش” فهنالك من يزاود وليس معه كاش..كيف؟
والحقيقة المُرة التي تنتفي فيها عدالة المزادات أن من يزاود هم الورثة، فلا يشترون بالكاش وعندما يزاود يقول أنا أحد الورثة ويكفي!! لأنه يخصم من مستحقاته لاحقاً كوريث, وهم كورثة أعلم من غيرهم وأدرى بمعلومات العقار وهذا يمنحهم قوة إضافية, لذا من مصلحتهم العزف على موسيقى الأسعار حتى يصل للسعر الذي يرضي طموحه كوريث قبل أن يكون كمشتري, هذا فضلاً عن الذين يزادون في الأسعار من الذين ليس في نيته أساساً الشراء, فقط لتأجيج الأسعار, وإذا لم يكن المشتري العادي حذراً سيتورط معهم في رسم صورة مشوهة للمشهد العقاري. وشهدت المزادات تفضيلا جيداً على المواقع الإستراتيجية بغض النظر عن دخلها الحالي الذي قد لا يتجاوز 3%!!.