المنازل الذكية فرصة استثمارية واعدة
د. عماد العبد الرحمن
نتيجة للتحولات الاقتصادية التي تشهدها المملكة، برزت المنازل الذكية إحدى الفرص الاستثمارية الجديدة التي تعيد تشكيل سوق العقارات والمقاولات على حد سواء. ومع توجه المملكة نحو التحول الرقمي وتعزيز الاستدامة، أصبحت تقنية المنازل الذكية خيارًا استراتيجيًا لا يقتصر على تحسين جودة الحياة، بل يمتد ليشمل فرصًا اقتصادية كبيرة للمستثمرين وشركات التطوير العقاري والمقاولات.
وتشير التقارير إلى أن حجم سوق المنازل الذكية في المملكة يشهد نموًا متسارعًا، مع توقعات بوصوله إلى مليارات الريالات خلال السنوات القادمة. ووفقًا لتقرير صادر عن Statista، فإن معدل النمو السنوي المركب لهذا السوق في السعودية يُقدر بحوالي 10.8% حتى عام 2028، مما يعكس حجم الفرص المتاحة للمستثمرين في هذا القطاع.
كما أن عدد الشركات العاملة في مجال المنازل الذكية يشهد تزايدًا ملحوظًا، إذ يقدر عدد الشركات المتخصصة في تقنيات تحويل المنازل التقليدية إلى ذكية بأكثر من 150 شركة في مختلف مناطق المملكة، تقدم حلولًا تشمل أنظمة التحكم في الإضاءة والتكييف والأمان والمراقبة، بالإضافة إلى التكامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.
وتعتبر المنازل الذكية ميزة تنافسية في سوق العقارات، حيث أظهرت الدراسات أن العقارات المزودة بتقنيات ذكية تحقق قيمة سوقية أعلى بنسبة 15-20% مقارنةً بالمنازل التقليدية. وتتمثل الفرص الاستثمارية في هذا المجال في عدة محاور، منها:
التطوير العقاري الذكي: إذا يمكن للمطورين العقاريين تصميم مشاريع جديدة تعتمد على حلول المنزل الذكي، مما يعزز جاذبية المشاريع السكنية ويزيد من معدلات الطلب عليها.
ويمثل تحويل المنازل التقليدية إلى ذكية سوقًا ناشئًا، حيث تسعى العديد من الشركات إلى تقديم حلول متكاملة تسمح بتحديث المباني القديمة وجعلها متوافقة مع معايير المنازل الذكية.
ومع تزايد الطلب على المجمعات السكنية المتكاملة، يمكن لشركات التطوير العقاري إدراج تقنيات المنازل الذكية كمعيار أساسي في مشاريعها المستقبلية، ما يضمن لها حصة أكبر في السوق.
ولا يقتصر تأثير المنازل الذكية على سوق العقارات فقط، بل يمتد ليخلق تحولًا جوهريًا في قطاع المقاولات، حيث يزداد الطلب على شركات المقاولات التي توفر حلول المنازل الذكية، مما يدفع الشركات التقليدية إلى تبني تقنيات جديدة وتطوير مهارات كوادرها لمواكبة هذا التحول.
تنشأ فرص جديدة في قطاع الأنظمة الذكية والبنية التحتية الرقمية، مما يعزز من حاجة السوق إلى مقاولين متخصصين في تركيب أنظمة الأتمتة، وأنظمة الحماية المتقدمة، والشبكات الذكية داخل المنازل.
تعتمد المشاريع السكنية المستقبلية على تكامل الأنظمة الذكية منذ مرحلة التصميم والبناء، مما يتطلب تعاونًا وثيقًا بين المطورين العقاريين وشركات المقاولات لتقديم حلول متكاملة.
وعلى الرغم من الفرص الواعدة، إلا أن هناك عدة تحديات قد تواجه المستثمرين في هذا القطاع، ومنها:
ارتفاع التكاليف الأولية: تكلفة بناء أو تحويل منزل إلى ذكي قد تكون مرتفعة، مما يستلزم استراتيجيات تمويلية مبتكرة لجعل هذه التقنيات في متناول شريحة أكبر من العملاء.
نقص الكوادر المتخصصة: يتطلب تنفيذ مشاريع المنازل الذكية مهارات هندسية وتقنية متخصصة، وهو ما يستدعي تطوير برامج تدريبية لدعم الكفاءات المحلية.
تحديث البنية التحتية: بعض الأحياء السكنية القديمة قد تواجه تحديات في دمج الأنظمة الذكية، مما يتطلب استثمارات إضافية لتحسين البنية التحتية.
التحديات الأمنية: مع ازدياد الاعتماد على الأنظمة المتصلة بالإنترنت، تبرز الحاجة إلى تطوير حلول قوية لحماية المنازل الذكية من الاختراقات السيبرانية.
ويمكن القول ان المنازل الذكية تمثل مستقبل سوق العقارات والمقاولات في المملكة، حيث تتلاقى التكنولوجيا مع البنية التح تية لخلق بيئة سكنية أكثر كفاءة وأمانًا وراحة. وبفضل الدعم الحكومي القوي وتوجه المملكة نحو المدن الذكية، فإن الاستثمار في هذا القطاع يشكل فرصة ذهبية للمطورين العقاريين وشركات المقاولات والمستثمرين الأفراد على حد سواء. فهل تكون المنازل الذكية مفتاح النجاح القادم في عالم الاستثمار العقاري السعودي؟
كاتب اقتصادي