يخطئ من يظن أن دور المدير هو التخطيط والتنظيم والتوجية وإدارة العمل والاجتماعات فقط، فتلك المهارات والخبرات أساسية على المستوى الإداري والمؤسسي، لكن هناك جانب من الأهمية بمكان أن يراعيه المديرون ويضعوه ضمن أولوياتهم واعتباراتهم وهو الجانب الإنساني والنفسي في التعامل مع الموظفين، بحيث لا يوجهون لهم إهانات مباشرة أو يتعمدون جرح كرامتهم أو التحقير من شأنهم بألفاظ أو إشارات أو ما شابه ذلك من أشكال التعامل اللإنساني، إلا أن واقع الحال يشير إلى أن هناك العديد من المديرين بالرغم من تمتعهم بمهارات ادارية عالية المستوى، يفتقدون التعامل مع الموظفين ويجهلون قواعد وأصول «أنسنة» الإدارة .
إن الخطورة في التعامل مع الموظفين بطريقة غير لائقة لا تقف عند حدود الموقف، إنما تتكلس داخل الموظف، وتتحول من غضب عابر إلى كراهية، ثم إلى بغضاء، وضغينة في النفس تجاه المدير والمؤسسة معاً، وتنشأ لدي الموظف رغبة في الانتقام غير المباشر، فيخرج دفعات من حنقه وكراهيته في تدمير ممتلكات الشركة، أو على الأقل التعامل معها بعنف، كأنها خصم له بغرض إتلافها حتى تتكبد المنظمة المزيد من النفقات، وتتحمل المزيد من الخسائر، وذلك لعجزه علي تفريغ شحنات غضبه في المدير .
ومن خلال بحث كنت أعده حول “الرضا الوظيفي في بيئة العمل” التقيت موظفاً عرفت منه أنه يبدأ يومه بركل جهاز الكمبيوتر الذي يستخدمه لغضبه من مديره، وقابلت سائقاً لا يحلو له أن يسير بسيارة الشركة الحديثة إلا في الطرق الوعرة، وبالطبع السبب معروف . . تلك نماذج قليلة التقيتها، وبالتأكيد هناك حيل أخرى لم ترو لي، كما اكتشفت أن الموظف “المهان” أي الذي يتعرض لإهانات في بيئة العمل ومعاملة فظة، يتعمد تقليص إنتاجيته .
إن القيادة وإدارة الأعمال ليستا بحاجة إلى قسوة وخشونة في التعامل ليفرض المديرون هيبتهم وشخصيتهم على من حولهم، إنما تحتاج إلى حزم وتفعيل اللوائح وتطبيقها على الجميع ووضوح الرؤية لدى هؤلاء المديرين، وكل ذلك مغلف بإطار من الرحمة والإنسانية، فتلك هي روشتة النجاح في الإدارة .